المغرب: العثماني والرميد والرباح أسماء متداولة لخلافة بن كيران على رئاسة الحكومة

جمعة, 2017-03-17 01:40

 بعد أن وصلت المشاورات الحكومية إلى الباب المسدود، وأمام انعدام أي مؤشر يوحي بقرب تشكيل هذه الحكومة، بعد مرور خمسة أشهر، قرر العاهل المغربي الملك محمد السادس، تعيين شخصية سياسية أخرى من حزب «العدالة والتنمية»، في منصب رئيس الحكومة، وذلك بمقتضى الصلاحيات التي يخولها الدستور للملك.

ويرى مراقبون، أن الخيار المعتمد من طرف القصر، الرامي إلى اختيار شخص ثان من حزب العدالة والتنمية، «يصب في مسار الحفاظ على الحزب المتصدر للانتخابات التشريعية، والبحث عن شخصية أخرى قادرة على تجاوز العراقيل التي حالت دون تشكيل الحكومة. وفي هذا الصدد، قال محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة القاضي عياض في مراكش، في تصريح لـ»القدس العربي»: إن « تكليف شخصية ثانية من حزب العدالة والتنمية، هو صيغة توفيقية ما بين مقتضيات الفصل 42 من الدستور التي تعطي للملك صلاحيات في السهر على احترام الخيار الديمقراطي، وما بين الفصل 47 الذي يعطي للملك الحق في تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي تصدر الانتخابات».
ويرى في هذا القرار إعطاء فرصة ثانية لحزب العدالة والتنمية، وتأكيد المؤسسة الملكية تشبثها بالحزب المتصدر لانتخابات التشريعية، وهذا يعتبر تفاعلاً إيجابياً مع المقتضيات الدستورية، التي تمنح للأحزاب السياسية فرصة التداول على السلطة. 
واعتبر المحلل السياسي بلال التليدي في اتصال مع «القدس العربي» هذا القرار «انتصاراً للتأويل الديمقراطي وللفصل 47 من الدستور، بحيث انه أبقى رئاسة الحكومة للحزب الفائز والمتصدر للانتخابات، وهنا يمكننا أن نطمئن على مستقبل المغربي السياسي من الناحية الدستورية.
ومن الناحية الدستورية، ينص الفصل 47 من الدستور الجديد للمملكة، على أن يقوم «الملك بتعيين رئيس حكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، كما أنه مفتوح على تعيين شخصية ثانية بدل الشخص الأول الذي تم تكليفه في حال لم يتمكن الأول في تشكيل الحكومة».
تعود مراحل المشاورات الحكومية، إلى ما بعد تكليف عبد الإله بن كيران كرئيس للحكومة بعد 48 ساعة من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية. بعدها بادرت أحزاب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية بالترحيب بدعوتها إلى المشاركة في الحكومة، وهو الموقف الذي عبر عنه كل من حزب التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية. وكان إعلان حزب «الاستقلال» رغبته في المشاركة في الحكومة قد شكل أول عقبة في مسار المشاورات، بعد رفض «التجمع الوطني للأحرار» مشاركته في الحكومة إلى جانب «الاستقلال»، وإصرار بن كيران على مشاركة «الاستقلاليين»، إلى أن تم التخلي عن حزب «الاستقلال» بعد تصريحات أمينه العام حميد شباط بشأن موريتانيا. 
بعدها جاءت المرحلة الثانية من المشاورات، حيث اقترح حزب «العدالة والتنمية» الحفاظ على الائتلاف الحكومي الأخير نفسه الذي حصلت أحزابه «حزب العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار» مجتمعة على 201 مقعد، وهو ما رفضه «التجمع الوطني للأحرار» حيث أصر على مشاركة «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» و»الاتحاد الدستوري»، وهو التوجه الذي رفضه بن كيران، وأعلن عن إنهاء المشاورات. وحول الشخصيات التي يمكن أن يقوم القصر الملكي بتعيينها، قال التليدي: إن «مسالة اختيار الشخصية المناسبة لخلافة بن كيران لرئاسة الحكومة، هو أمر يرجع إلى صلاحية الملك الدستورية الحصرية، وأظن بأن الملك سيختار من ضمن حزب العدالة والتنمية شخصية تتمتع على الأقل بخاصيتين، الخاصية الأولى هي أن تكون لها تمثيلية معتبرة داخل الحزب، والخاصية الثانية هو أن تكون متصفة بمواصفات رجل الدولة وهذا أظن أنه متوفر في بعض الأشخاص داخل العدالة والتنمية».
وتشير أغلب التوقعات إلى أن خلافة رئيس الحكومة المعين عبد الإله بن كيران، ستؤول إلى رئيس المجلس الوطني لـحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني، الذي شغل منصب وزير الخارجية في الولاية الأولى لحكومة بن كيران. ويبقى مصطفى الرميد وعبد العزيز الرباح من الأسماء القيادية التي يمكن أن يعين منها الملك رئيسا للحكومة خليفة لبنكيران.
ويرى المحلل السياسي التليدي أن تغيير الشخص لن يحل المشكلة إلا إذا واكب هذا التغيير تغيير في التقدير السياسي لبعض الأطراف، لأن الخيارات المطروحة هو إما أن يستمر حزب «العدالة والتنمية» بالتقدير السياسي نفسه، وفي هذه الحالة إما أن تستجيب الأطراف الأخرى لمنطقه، أو أن تستمر في المنطق السابق نفسه. أما إذا تعلق الأمر بتغيير في رؤية الحزب وتقديره للمشاورات، فهذا سيطرح إشكالاً داخلياً لأن الشكل الذي تفاوض به عبد الإله بن كيران، لم يكن اجتهاداً شخصياً بقدر ما كان تقديراً لحزب سياسي.

فاطمة الزهراء كريم الله

الرباط ـ «القدس العربي»