ظاهرة الطلاق .. البركان الصامت ؟!!

أربعاء, 2014-08-06 14:18

دقت الكثير من المنظمات المدنية خاصة العاملة في المجال الاجتماعي ناقوس الخطر بخصوص استفحال ظاهرة الطلاق في المجتمع الموريتاني خاصة في الأوساط المدنية. وتؤكد دراسات وإحصاءات أن الظاهرة باتت مقلقة في ظل ارتفاع مستوى "الفشل العائلي" والتفكك الأسري "حيث أصبحت في موريتانيا ظاهرة "نساء معيلات للأسر" وهي ظاهرة جديدة على هذا المجتمع المحافظ الذي ظل من أكثر المجتمعات العربية تكريما وعناية بالمرأة. ويقول باحثون ومهتمون إن العادات البدوية المتبعة  في الزواج والطلاق وضعف تطبيق قانون الأحوال الاجتماعية من أهم الأسباب وراء استفحال"أبغض الحلال عند الله" بهذه البلاد.ومع أن المجتمع دخل طور التمدن منذ عقدين من الزمن إلا أن أسباب الظاهرة كثيرة ومتشعبة كما نتائجها السلبية ليبقى الغائب الوحيد هو البحث عن الحلول الحقيقية وفي الصميم للحد من هذه الظاهرة على الاقل.في التحقيق التالي نتعرف على ظاهرة "انتشار الطلاق في موريتانيا الدوافع والسلبيات والحلول". شهادات ...من الواقع سعينا في بدية هذا التحقيق لمعرفة أسباب هذه الظاهرة وسلبياتها من الذين عاشوا هذه الظاهرة.عيشة فتاة تبلغ من العمر25 عاما مطلقة وأم لطفلين قالت إن أسباب هذه الظاهرة متعددة لكن يبقى أهمها هو بساطة الزواج في موريتانيا حيث لا مؤخر صداق يخشى الزوج دفعه كما يحظر على المطلقة بفعل العادات البالية التي تحظر على المطلقة المطالبة بنفقة عيالها،ناهيك عن عدم التفاهم في الكثير من الحالات بين الزوجين قبل الزواج.وبخصوص سلبياته قالت إنها كثيرة حيث يضيع الأطفال ويتفكك المجتمع وتنتشر العنوسة بين النساء على وجه الخصوص خوفا من الطلاق. أم الخيري تبلغ من العمر35 سنة مطلقة أم لعدة فتيات وفتيان أكدت أن تدخل الأهل بين الزوجين والعوائق التي يضعونها أمامهم والمشاكل المادية حيث ارتفاع تكاليف الحياة ،وعادات الإنفاق والمكارمات السلبية المكلفة بين الأصهار،وتعسف الرجال في إيقاع الطلاق لأنه لا حماية للمرأة ولا ضمانات لها في حال تعسف الزوج في طلاقها(لامؤخر صداق،ولا نفقة ملزمة او مسكن بعد الطلاق). أما عن السلبيات فكثيرة ومنها وجود جيل من الأطفال المشردين قد ينحرفون ويتسبون مشاكل كثيرة للمجتمع،وإيجاد جيل من المنحرفات خاصة وأن الظاهرة انتشرت في السنوات الأخيرة بين الفتيات الصغيرات اللاتي يعتبرن الطلاق نافذة لحريتهن الشخصية وإزالة عصا الحضانة الشرعية التي يتشدد ذووهن في فرضها قبل الزواج. بنينه شابة 30 عاما مطلقة ام لطفل واحد أكدت أن غياب الجدية والتعارف المسبق والأسباب المادية والنظرة الشهوانية للكثير من الرجال وعدم وجود ضمانات وحقوق للمطلقة على الزوج واحتفاء المجتمع الموريتاني بها وسهولة الزواج في المجتمع كلها من أهم الأسباب التي تؤدي لانتشار هذه الظاهرة،وهنالك سببان آخران مايزالان محدودين  جدا وهما الخيانة الزوجية (ينتشر في صفوف الطبقة الميسورة) و "السرية" حيث تؤدي لطلب الزوجة الأولى للطلاق بعد العلم بالزوجة الثانية.أما السلبيات فكثيرة ومن أهمها تفكك الأسرة وتشرد الأطفال وانحرافهم وضعف ترابط المجتمع وغياب الجو العائلي المناسب لتربية الأجيال الجديدة وضياع الحقوق ووجود جيل محروم وضائع من الأطفال والفتيات يهدد المجتمع بالانحراف. في المقابل يرى بعض من استجوبناهم من الرجال المطلقين أن طلبات المادية الكثيرة للمرأة الموريتانية وكسلها (مستهلكة فقط)ومشاكل الأهل وارتفاع تكاليف ما بعد الزواج(الأشهر الأولى)والسكن والنفقة مع الارتفاع العام لتكاليف الحياة،وضعف الاهتمام بالمظهر والبيت بعد الزواج والخصومة مع أهل الزوج والنظرة المادية للزواج وعدم تقدير ظروف الزوج المادية ومساعدته على مصاعب الحياة كلها تبقى من أهم الأسباب التي تؤدي بالرجال للطلاق.وحول سلبيات الطلاق أكدوا أنها باختصار ضياع الأسرة وتفككها وبالتالي خلخلة بنية المجتمع وانحلال أخلاق الكثير من الفتيات المطلقات إذا لم تشدد عليهن حضانة الأهل وضياع الأطفال وخلق جيل منهم محروما من كل الحقوق ومؤهلا لكل أنماط الانحراف وارتفاع نسبة العنوسة في الطرفين رجالا ونساء خوفا من هذه الظاهرة خاصة النساء.دراسات:فوضى الزواج .. تمجيد المطلقةتؤكد بعض الدراسات الاجتماعية في موريتانيا أن الزيجات السريعة للمرأة الموريتانية وعدم اشتراط  مؤخر للصداق او مسكن خاص وسهولة إجراءات الطلاق واحتفاء المجتمع بالمرأة المطلقة وحظوتها بصورة أكثر لدى الرجال عكس نظيراتها في كل دول العالم وضغط التقاليد التي تمنع الزوجة من المطالبة بحقوقها ونفقة أطفالها أدى إلى ارتفاع نسب التفكك الأسري وتشرد الأطفال ووصولها إلى مستويات قياسية. وتشير هذه الدراسات إلى أن الطلاق مرتبط بالسلوك الاجتماعي أو الفردي وهو حركة تعبيرية تصدر من الفرد كاستجابة لمثير ما وتتحكم فيها مجموعة من العوامل ولها كذلك الكثير من الآثار. ويرجع الباحثون أسباب هذه الظاهرة إلى الزواج السريع وارتفاع تكاليف الحياة . و تطال آثار الطلاق المجتمع بصفة عامة وتتأثر منها المرأة و الطفل ومن آثاره على المجتمع: تهديد التماسك الاجتماعي، وضرب منظومة القيم اختلالات في التضامن والتكافل الاجتماعي تفشي النزاعات الأسرية وتعميق الأزمة الأخلاقية. أرقام لها دلالة نسبة الطلاق في موريتانيا 44%موريتانيا الأولى عربيا في نسبة الطلاق70% من أسباب الطلاق هي مادية(راتب 53000 أوقية لايعيل أسرة بشخصين 2004) حسب دراسة للأمم المتحدة رأي الفقه:"الطلاق شرع في الحالات القصوى" يقول العلامة محمد الحسن ولد الددو "إن الإسلام “لم يشرع الطلاق إلا في أوقات الضرورة القصوى لما له من أثر خطير على الفرد والمجتمع”. ويتحدث الددو عن  أن الطلاق في الاسلام مشروط بتلبية الزوج قبله بالاستجابة لمنظومة كبرى من حقوق المطلقات من بينها “حق السكنى والنفقة للمطلقة وإذا كانت لها ذرية فإنه يجب الإنفاق على تلك الذرية والقيام على مصالحهم إلى أن يبلغ الذكور القادرون على الكسب و يتزوج البنات”. رأي علم الاجتماع:الظاهرة متغلغلة في المجتمع..وسم قاتل يقول الباحث الاجتماعي محمد محمد ولد الغيلاني عن هنالك عدة أساب لانتشار ظاهرة الطلاق بموريتانيا منها سهولة الزواج في حيث أن الزيجات الحديثة في موريتانيا لا تتسم بطابع الثبات والاستقرار وتنتهي بالطلاق لأسباب كثيرة، منها سوء الاختيار والتسرع في اتخاذ قرار الزواج وعدم الوعي بالحقوق والواجبات. ويضيف أن:"جهل الزوج والزوجة بمفهوم الزواج والعائلة وعدم شعورهما بمسؤولية الحياة الزوجية، كما أن العادات الاجتماعية التي تشجع على الزواج المبكر تجعل الكثير يعتقدون بأن الزواج أمر سهل وبسيط، وحين يفاجؤون بمسؤولياته يتهربون ويفضلون الانفصال، خاصة أن نظرة المجتمع الموريتاني للطلاق ليست هي السائدة في العالم العربي". ويشير إلى أن العادات الاجتماعية تظلم المرأة لأنها تمنعها من الحديث في الماديات قبل الزواج وفرض شروط كالمهر والبيت والنفقة، كما تحرم عليها البحث عن حقوقها المادية في حالة الطلاق، فالمجتمع يعتبر ذلك عاراً كبيراً، وبالتالي تمنع المرأة المطلقة من استرجاع مؤخر الصداق واستعادة تجهيزات البيت والاستفادة من نفقة الأطفال. أما الدكتور عبد الله ولد سيدي وهو باحث في مجال علم الاجتماع فحدثنا عن معالجة أسباب  الظاهرة بقوله:" لن تتم  مكافحة هذه الظاهرة ما لم يتم فرض الزواج المدني بمعنى أن يتم توثيق الزواج الشرعي أمام جهة رسمية قبل حدوثه كما يجب أن يتم الطلاق كذلك أمامها ليتم ضمان حقوق المرأة أثناء الزواج وبعده طبقا للشرع والقانون ويحد من تساهل العادات التي تحرم عليها المطالبة بحقوقها وهذا هو السائد في كل دول العالم العربي والإسلامي.أيضا تجب محاربة العقلية البائدة التي تمجد "المرأة المطلقة" وتحض الرجال على الزواج بها أكثر من مرة مقابل حرمان مئات العوانس وهذا لا يعني عدم قبول زواج المطلقات ولكن يحجب أن يتم هنالك نوع من العدالة في هذه المضمار ويضمن لكل من الطائفتين العوانس والمطلقات حقوقهن.ومن الضروري أن تفعل الدولة الشريعة القانون (قانون الحالة المدنية)بخصوص حصول الزوجات على حقوقهن كاملة في النفقة والسكن الخاص وهي أمور غائبة حتى الآن حيث شاعت مؤخرا ظاهرة النساء معيلات الأسر نتيجة تهرب الرجال من الالتزام بحقوق النفقة لزوجاتهن ومن باب أحرى مطلقاتهن. وشدد على ضرورة أن تفعيل لذلك القانون(تطبيقيا) ليضمن للزوجة سكنا ونفقة ومؤخر صداق حتى بعد الطلاق وبالتالي تحد من الطلاق التعسفي الذي يمارسه كثير من الرجال في موريتانيا تحت طائلة ما يسمى هوس "البحث عم الزوجة الجديدة". وقال إن دراسة رسمية  أظهرت أن الطلاق بات ظاهرة تلازم العائلة الموريتانية، لا يؤثرفيها لا السن ولاولا عدد سنوات الزواج، كما حذرت من استمرار ارتفاع نسبة الطلاق وتساهل المجتمع والقانون معه.وختم بالقول إن أهم تداعيات الطلاق هي تهديد مستقبل الأجيال، باعتبار أن إهمال الآباء للأطفال أو نزاعهما على الحضانة والنفقة يهددهم بالانحراف، وأثبتت الإحصائيات أن نسبة كبيرة من أطفال الشوارع والمجرمين والمنحرفين في موريتانيا، ضحايا الطلاق. الرأي الرسمي:"نفضل تسوية النزاعات الأسرية وديا" بما ان المجتمع  يمنع على المطلقة  بموريتانيا - حسب العادات  اللجوء للقضاء طلبا للنفقة والكسوة لها طفالها قررت وزارة المرأة المضي في نشر مراكز تسوية النزاعات الأسرية، فدشنت مؤخراً مركزين جديدين في مقاطعتي “الميناء” و”تيارات” في العاصمة نواكشوط، فيما أعلن مسؤولو الوزارة أنها ستعمل على افتتاح المزيد من هذه المراكز في داخل البلاد ابتداء من مدينة روصو .وتهدف هذه المراكز لتسوية النزاعات الأسرية بالطرق السلمية (الودية) قبل الوصول إلى مرحلة التقاضي لأن القضاء يأخذ وقتا طويلا ويتطلب مصاريف على الطرفين في المحاماة والنقل وإحضار الشهود وغير ذلك. وذلك أيضا بالنظر إلى أن الحلول الودية هي التي ستحافظ ربما على إمكانية تلافي الطلاق والمحافظة على تماسك العائلة.ولكن يؤكد متابعون أن هذه المراكز محدودة التأثير بسب بعدم لجوء المطلقات إليها أصلا وضعف عددها وعدم وجود آلية حقيقية (سلطة إلزام) على المطلقين  لجلبهم وإرغامهم على قبول التسوية التي يتوصلون لها مع مطلقاتهن وعلى هذه المراكز متابعة تنفيذها خاصة في إلزامية دفع النفقة والكسوة وتوفير السكن. 

"أنباء أطلس"