قرى موريتانيا عطشى

أحد, 2014-12-07 14:37

تقطع أم الخير (31 عاماً) بنت أحمدو مسافة ثلاثة كيلومترات يومياً من أجل الوصول إلى أقرب نقطة مياه، لملء الأوعية البلاستيكية، وتعود بها إلى بيتها لتتدبر شؤون عائلتها بهذه الكمية القليلة. تقول لـ"العربي الجديد" إنها مسؤولة عن تزويد البيت بالمياه، حالها حال كثير من نساء إحدى القرى القريبة من أمبود (شرق البلاد). تتكفل نساء القرية أو فتياتها بجلب المياه لأسرهن، ويقطعن مسافات تصل إلى خمسة كيلومترات لجلب المياه التي لا تصل إلا لـ67 في المائة من البيوت في القرى. 

تأمل أم الخير أن "تزود السلطات القرية بالمياه، أو تعمد إلى حفر آبار تخفف من مشقة حمل المياه على النساء". تشير إلى أن "الجفاف ونضوب الآبار القديمة أدى إلى هجرة آلاف القرويين إلى المدن؛ بحثاً عن عمل وظروف معيشية أفضل". ترى أن "حفر الآبار في القرى سيساهم في بقاء المواطنين فيها وتشجيعهم على الزراعة". 

تصحّر 

تكاد تكون مشكلة نقص المياه أو انعدامها مشتركة بين جميع مناطق موريتانيا، خاصة أن هذا البلد الصحراوي يعاني جراء قلة الأمطار. في المدن الكبرى، يعاني السكان من انقطاع المياه بشكل مستمر، ما يدفع غالبيتهم إلى الاستعانة بمضخات وخزانات لتأمين حاجتهم. أما في القرى، فيبدو الأمر أكثر صعوبة، خاصة أن السكان يعتمدون على المياه في مشاريعهم الزراعية وتربية المواشي. 

وباستثناء القرى الواقعة على ضفاف نهر السنغال أو الواحات حيث الآبار وبرك المياه، فإن غالبية سكان الأرياف يجدون صعوبة في تأمين حاجتهم من المياه، في وقت عجزت الحكومات المتعاقبة عن حل هذه المشكلة، بالرغم من الوعودة الكثيرة. في السياق، يقول الباحث الاجتماعي أحمد سعيد ولد همام لـ"العربي الجديد" إن "نقص المياه يعدّ سبباً رئيسياً لهجرة القرويين نحو المدن. فغالبية الفلاحين لم يعد بإمكانهم الاستمرار في مزاولة أعمالهم، في ظل نقص المياه ونضوب الآبار". 

يضيف: "منذ أكثر من عشر سنوات، عاشت البلاد فترة جفاف وتصحّر حادّ، وخاض السكان حرباً نتيجة قلة المياه، من أجل الاستمرار والبقاء في وسطهم الطبيعي. لكن في السنوات الأخيرة، تفاقم الوضع، وعانى السكان من العطش الشديد، ما دفع كثيرين إلى الهجرة إلى المدن". يشير همام إلى أن "الجهود الرسمية لإنقاد سكان المناطق الشمالية والوسطى والشرقية المحاذية للحدود مع مالي من العطش والجفاف، بقيت محدودة، فيما عملت جمعيات خيرية محلية ودولية على تقديم مساعدات مالية وعينية لضمان تزويد السكان بالمياه". ويطالب بإنقاذ حياة سكان القرى والأرياف الذين يشكل الأطفال والنساء غالبيتهم، من خطر العطش. 

حفر الآبار

تعمل بعض الجمعيات المحلية والمنظمات الدولية على مساعدة السكان؛ لمواجهة نقص المياه، من خلال حفر الآبار، وتأمين خزانات ومضخات. في السياق، يقول إبراهيم ولد لمغيطي (34 عاماً)، وهو فلاح، لـ"العربي الجديد"، إن "الجمعيات وجهود المحسنين ساهمت بشكل كبير في حل مشكلة المياه داخل بعض التجمعات"، لافتاً إلى أن "حفر الآبار أصبح أهم من المساعدات العينية". أيضاً، يشير إلى أن "السكان، خاصة الفلاحين، عانوا الأمرّين، ولجأوا إلى أساليب بدائية للحصول على المياه وتخزينها". 

من جهته، يقول الخبير في المياه أحمدو ولد الهيبة إن "ما تعانيه البلاد في الوقت الحالي هو نتيجة لسنوات الجفاف والتصحر الماضية"، موضحاً أن "موريتانيا تقع في شمال خط الاستواء، وتعاني من ندرة الأمطار وارتفاع درجة الحرارة، بالإضافة إلى الجفاف معظم أشهر السنة. وخلال السنوات الأخيرة، عانت من شح المياه بسبب التغيرات المناخية وفشل سياسة توفير المياه لجميع المواطنين". 

يشير إلى أن الحكومة "لم تكترث لتحذيرات الخبراء، فاستمر الاستغلال غير العقلاني للمياه وإهمال الحلول البديلة لتنمية الموارد المائية والتغلب على الجفاف"، داعياً إلى "دعم جهود التنقيب عن الآبار والبحيرات الجوفية، التي يمكن أن تشكل حلاً جيداً لمشكلة نقص المياه". 
أخيراً، أطلقت الحكومة مشروعاً لتزويد 150 تجمعاً قروياً بالمياه الصالحة للشرب، بتمويل من الحكومة والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. وقالت وزارة المياه والصرف إن المشروع الذي تم تدشينه في بلدية أكجرت (ولاية الحوض الغربي) سيتم عبر مرحلتين، وسيستغرق ثلاث سنوات. أضاف "سيساهم في تجهيز 300 قرية بشبكات مائية و200 أخرى بآبار ارتوازية، بالإضافة إلى زيادة قدرات المكتب الوطني لخدمات المياه في الريف".

 

 

 

العربي الجديد