موريتانيا: انزعاج النظام من سيطرة الإخوان على مواقع في الداخل

أربعاء, 2016-03-02 00:31

يبذل سياسيون كبار بينهم وزراء في الحكومة الموريتانية منذ أيام جهوداً كبيرة على مستويات عدة بمقاطعة الطينطان شرق موريتانيا، لسحب البساط من تحت حزب التجمع الوطني للإصلاح (محسوب على الإخوان) الذي يحظى بولاء غالبية ناخبي هذه المقاطعة الهامة. 
وقد تمكن سياسيو الموالاة قبل يومين من إقناع مجموعة قبلية من أبرز مجموعات مقاطعة الطينطان بالانسحاب من حزب التجمع وﺍلاﻧﻀﻤﺎم ﻟﺤﺰﺏ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ الحاكم في موريتانيا.
وأكدت مصادر محلية، أن حزب التجمع قد يخسر قريباً بعض مواقعه في مقاطعة الطينطان التي هي أهم قلاعه تحت الضغوط المتنوعة التي يمارسها أطر الحزب الحاكم.
وكانت الحرب السياسية بين إخوان موريتانيا المنضوين في حزب التجمع والنظام الحاكم قد بدأت الأحد الماضي عندما نظم حزب التجمع مهرجاناً سياسياً كبيراً بمقاطعة الطينطان حيث حاول أطر الموالاة المنزعجون من الإقبال على الإخوان، إفشاله بتنظيم تجمع سياسي مواز حاول خلاله نشطاء الحزب الحاكم اجتذاب جهات سياسية محلية، وإرضاء عدد من الغاضبين لإخراجهم من حزب التجمع المعارض نحو صف الموالاة.
وتعتبر مقاطعة الطينطان أبرز قلاع حزب التجمع الوطني للإصلاح حيث يسيطر على ثلاث بلديات من بلدياتها الثماني، كما تمكن خلال الانتخابات النيابية الأخيرة من انتزاع المقعدين النيابيين الوحيدين في هذه المقاطعة الهامة. 
وقد استغل حزب التجمع امتعاض بعض ساكنة المقاطعة من فشل الحكومة في إعادة إعمار مدينة الطينطان التي تعرضت عام 2007 لسيول جرفت منازلها وأفقرت أهلها.
فلم ير السكان أي اثر للمساعدات المالية الكبيرة التي قدمتها دول ومنظمات للمساعدة في إعادة إعمار المدينة المنكوبة مما جعل العديد من سياسييها يصطفون بسهولة في خط المعارضة.
وتؤكد أسبوعية «لوكلام» في تحليل خصصته لاستيقاظ الحرب بين النظام والإخوان «أن النظام الحاكم في موريتانيا بدأ ينزعج من نشاطات المعارضة بعد المهرجان الضخم الذي نظمه مؤخراً حزب تكتل القوى الديموقراطية المعارض».
وأوضحت «أن النظام بدأ العمل لكبح توسع شعبية المعارضة أمام نظام متآكل يتخبط في مصاعب اقتصادية مربكة».
وأضافت الصحيفة «وكما تحولت المؤشرات الاقتصادية للون الأحمر فإن المؤشرات السياسية أصبحت هي الأخرى حمراء، فقد بدأ النظام إجراءات تقشفية متشددة والبقية تأتي..»، حسب تعبير الصحيفة.
ويتوقع مراقبون لهذا الملف استيقاظاً وشيكاًً لاستهداف الإخوان في موريتانيا وهو الاستيقاظ الذي تؤكده مؤشرات عدة بينها الإنذار الذي وجهته السلطة العليا للصحافة لقناة «المرابطون» التي يعتبرها الكثيرون الذراع الإعلامية لإخوان موريتانيا.
وتستشف نذر استيقاظ هذه المواجهة من خلال مؤشرات أخرى بينها رفع حزب التجمع لوتيرة معارضته لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، ومنها الانتقادات الشديدة التي وجهها مؤخرا البرلماني محمد غلام ولد الحاج الشيخ نائب حزب التجمع الوطني للإصلاح لنظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.
فقد أكد النائب محمد غلام أن «ولد عبد العزيز عمد إلى تطهير الوزارات والدوائر الحكومية من الموظفين الإسلاميين وقرر إغلاق جمعية المستقبل كما قرر الاستجابة للتيار اللائكي في البلد الذي يعتبر المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية شبكة عقارب يجب التخلص منه».
وتابع ولد الحاج توصيفه لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز فقال «ثم أحاط الرئيس نفسه بحثالة من بقايا مرتزقة القذافي الفاشلين مثل سيدهم الذين لم يغنوا عنه من غضب الجماهير تلك الطغمة التي تقطر حقداً وتنفذ سموماً، وليس لها وأخواتها من بارونات التسكع على بقايا موائد الحكام إلا التخويف من الإسلاميين والتهويل من شأنهم». 
وأضاف «وتواصل مسلسل الرسائل السلبية والإجراءات الاستفزازية، فيقرر ولد عبد العزيز مضايقة الفضاء الإعلامي الحر والذي ظل منذ انطلاقه شوكة في حلق النظام بتلك الاستثناءات المحدودة الخارجة من «قبضة» الانفتاح المبرمج سلفا». يذكر أن حركة الإخوان المسلمين دخلت إلى موريتانيا منتصف سبعينيات القرن الماضي على يد طلاب درسوا في مصر وفي السعودية. 
والتزم تنظيم الإخوان في موريتانيا العمل السري منذ 1975 إلى 1991 حيث خرج نشطاؤه للعلن مع بدء دخول نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع في تعددية سياسية وخروجه من النظام العسكري.
وحاول الإخوان عام 1994، تأسيس حزب سياسي سموه «حزب الأمة» غير أن نظام العقيد ولد الطايع وقف دون ذلك فاضطر الإخوان لممارسة العمل السياسي من داخل الأحزاب المعترف بها. ثم أسسوا عام 2001 مجموعة الإصلاحيين الوسطيين التي قدمت نفسها للرأي العام على أنها «مجموعة معتدلة في فكرها وسطية في رؤاها بعيدة عن العنف مؤمنة بالديموقراطية»، ولم يشفع كل ذلك لها.
وجددت الجماعة مساعي الحصول على الاعتراف بحزبها بعد سقوط نظام ولد الطايع في انقلاب عام 2005، غير أن المجلس العسكري الذي حكم بعده رفض ذلك. لكنها حصلت في عام 2007 وفي ظل حكم الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله على الاعتراف السياسي بحزبها حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية.
وحقق هذا الحزب قفزات نوعية في التمدد على الساحة الموريتانية اعتمادا على منهجيته الواقعية القائمة على اقتناص المتاح، كما أثبتت ذلك حملة الانتساب المهيئة لمؤتمره الثاني المنعقد عام 2012، وكما أكدته نتائج الانتخابات البلدية والنيابية التي نظمت أواخر السنة قبل الماضية والتي حصل فيها الحزب على ستة عشر مقعداً نيابياً محتلاً موقع أولى كتلة معارضة في البرلمان.
ومرت علاقات حزب التجمع الناشط في منتدى المعارضة بالنظام الحاكم حاليا في موريتانيا بحالات مد وجزر، حيث سبق للحكومة أن أغلقت جمعية المستقبل الذراع العلمية والمالية للجماعة، كما أن العلاقات القوية بين موريتانيا ودولة الإمارات المعادية للإخوان، تجعل وضعية إخوان موريتانيا معرضة لكل احتمال.
واليوم لا يبدو إخوان موريتانيا في عجلة من أمرهم، فهم يعملون وفق مخطط مستمر، بنفسٍ طويل، يأخذون ما أتيح لهم، في انتظار « التمكين» المرتقب .

عبدالله مولود-القدس العربي