موريتانيا: وثائق بن لادن.. تكذيب رسمي والمدونون يصدقون ويقارنون الوثائق بالوقائع

خميس, 2016-03-03 21:05

واصل الموريتانيون، سياسيين ومدونين، أمس انشغالهم بالهدنة ما بين الحكومة الموريتانية وتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي التي كشفت عنها الحكومة الأمريكية الثلاثاء ضمن وثائق كانت القوات الخاصة لها قد حصلت عليها خلال مداهمتها لمخبأ أسامة بن لادن في باكستان عام 2011.
ومع أن الحسين ولد الناجي المستشار القانوني للرئيس الموريتاني قد نفى بشدة «وجود أي صلة لحكومته بمثل هذا الاتفاق فإن المدونين المتسيسين صدقوا المعلومات المتعلقة بها التي كشف عنها الأمريكيون واتجهوا لاستنباط الأدلة على صحة الاتفاق بمقارنة الوثائق المسربة بالوقائع وبخاصة عدم تسجيل أي عمليات للقاعدة داخل التراب الموريتاني، وإطلاق السلطات الموريتانية لمحسوبين على القاعدة بدون محاكمة.
وكان المستشار القانوني للرئيس الموريتاني قد أكد في تكذيبه لإبرام الاتفاق «أن موريتانيا ظلت تعارض دائماً التمويل غير المباشر للإرهاب بدفع الفدى للتنظيمات الإرهابية»، مشدداً القول بأنه «لا يوجد أي اتفاق سري بين موريتانيا وتنظيم القاعدة».
وتحدثت الوثائق التي نشرتها الحكومة الأمريكية الثلاثاء عن مناقشة قادة تنظيم القاعدة لخطة تتضمن اتفاق سلام مع حكومة موريتانيا وذلك في جلسات أجراها التنظيم عام 2010.
وسيلتزم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، حسب ما ورد في الخطة القابلة للتجديد، بعدم القيام بأي نشاط عسكري في موريتانيا لمدة عام، على أن تطلق السلطات الموريتانية سراح جميع سجناء القاعدة مع التعهد بعدم شن أي هجوم على معسكرات التنظيم انطلاقاً من أراضيها».
واقترحت القاعدة، وفقا لما كشفت عنه الوثائق، التزام حكومة موريتانيا أيضا بدفع مبلغ (اعتبره المدونون جزية)، يتراوح بين 10 و20 مليون يورو (11 و22 مليون دولار) سنوياً لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي مقابل تعويض المتشددين والكف عن خطف السياح. وكان أسامة بن لادن قد تحدث في رسالة أخرى عن «جهات ترغب في عقد هدنة مع الإخوة ورأينا، يضيف بن لادن، أن عقد الهدنة ضمن ضوابطها الشرعية أمر حسن، حيث أننا نرغب في تحييد كل من يمكن تحييده فى فترة حربنا مع العدو الأكبر أمريكا، أما مسألة العشرة ملايين يورو سنوياً فلا أرى التشدد فيه، وإنما الذي يهمنا أن تتم الهدنة».
وأشارت خطة القاعدة أيضا إلى أن التوصل إلى هدنة مع موريتانيا سيمكن جناح التنظيم من وضع الكوادر في قواعد خلفية آمنة متاحة هناك وسيمكن المجموعة من التركيز على الجزائر.
ونقلت وكالة رويتر عن مسؤوليين كبار في المخابرات الأمريكية قولهم أنهم «اطلعوا على الوثائق وأنه ليس لديهم أي دليل على أن القاعدة توصلت لاتفاق سلام مع السلطات في موريتانيا أو على تواصل الجماعة المتشددة مع أي شخص في موريتانيا لمناقشة الخطة بشكل مباشر».
وأثارت هذه القضية ردود أفعال كثيرة بين المدونين والكتاب حيث أكد الكاتب أبو العباس ابرهام في تدوينة علق فيها على هذا الموضوع «أن جنرالات موريتانيا اشتروا السّلام من القاعدة في 2010، وقد أقنعتهم مذبحة القاعدة في أواخر 2008 في «تورين» بالأمر، واتفقوا على عامٍ يأمنُ فيه الناس وتوضع فيه السيوف في أغمادِها، وقد أبرقَ أمير القاعدة، المختار بلمختار (بلّعوَرْ)، وهو مفتون منذ يفاعتِه ببن لادن، وقد سمّاه الكاتب والمخرج الموريتاني، لمين ولد السّالم، في عنوانِ كتابٍ له في 2014 بـ»بن لادن الصّحراء»، إلى بن لادن بباكستان ليُقِرَّ له سلامه». «وفي هذه الأثناء، يضيف، أبو العباس، كان الجنرال عزيز، الذي يدفعُ الجزية للقاعدة في السِّر، يتبجّحُ في العلن بدوريات عسكرية في عمق الصّحراء، مُحاوِلاً إقناعَ أوروبا أنّه هزم بها القاعدة».
وقال « قامت مشكلة أخرى، القاعدة قاعدتان. وما يلزِمُ بلّعوَرْ لا يلزِمُ أبا زيد. وقد تخانق الرّجلان مراراً. وهلك فيها الجهاديون الموريتانيون الذين راهنوا على أبي زيد، وفشلت محاولات شيخهما أبو مصعب عبد الودود (دروكدال) في المصالحة بينهما (لن ينجح في ذلك قبل 2012 عندما عيّن يحيى أبو الهمام «جمال عكاشة» لرئاسة القاعدة في شمال مالي)».
«وفي 2010، يضيف أبو العباس ابرهام، بعث أبو زيد، المسيطر في حينها على تمبكتو، لاستدراج الجنرال عزيز للحرب، وقد بعثَ له بمغريات وتحرّشَ به في 2009-2010 ودخلَ معه مواجهة على خلفية اختطاف أبي زيد للمواطن الفرنسي ميشيل جرمانو، وكان ريشُ الجنرال عزيز قد نبتَ في هذه الأثناء ونبتت له عضلة، فاندفع إلى ميدان المعركة في منطقة «حاسي سيدي»، ثمانين كيلومتراً شمال تمبكتو (أي في عرين أبي زيد) في سبتمبر 2010، وهنا تعرّضَ له أبو زيد ففعلَ به الأفاعيل. بحسب القاعدة فقد قُتِلَ 19 جندياً موريتانياً بينهم ضباط».
وأضاف «مع 2011 تحوّلت القاعدة من أسد إلى أسد له مدفع، وخصوصاً بعد تدفق السلاح الليبي، (البقيّة تاريخ) فقد هُزِمت القاعدة الميدانيّة بتدخل عسكري فرنسي، وقُتِلَ أبو زيد في فبراير/شباط 2013 من قبل قوات فرنسية تشادية، يزعمُ الجنرال عزيز أنه هزمَ القاعِدة ولكن عندَ أبي زيد الخبر اليقين، أما عن دفع المال للقاعدة التي تؤكِّده «وثائق بن لادن» المُسرّبة حالياً، فربّما ما زال يصلحُ للتكهُّن أن الجنرال عزيز ما زال على علاقات تفاوضيّة مع بلّعوَرْ، خصوصاً بعدَ ما أضحى هذا سيّد القاعدة، وقد أظهر منذ 2015 قدرة على ضرب العواصم الغربية الإفريقية في بوركينا فاسو وساحل العاج ومالي وانجامينا».
وممن فند إبرام حكومة نواكشوط لاتفاق مع تنظيم القاعدة، الإعلامي الموريتاني أحمد ولد محمدو الذي أكد في مقال بعنوان «سلام القاعدة..من يصدق؟»، «أن المتتبع لمسار العلاقة ما بين موريتانيا والقاعدة خلال سنة 2010 ـ التي أفادت وكالة رويتر أن وثائق الاتفاق أعدت خلالها ـ يستحيل عليه أن يفهم إمكانية التفكير في الحوار بين موريتانيا والقاعدة بأي شكل من الإشكال». وأضاف ولد محمدو وهو موظف في الوزارة المكلفة بالإعلام «أعلنت موريتانيا في أكثر من مناسبة على لسان رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، عن ضرورة توقف بعض الدول عن دفع الفدى للإرهابيين، حيث تمثل هذه الأموال مصدر تمويل مهم لعصابات الجريمة المنظمة».

نواكشوط – «القدس العربي»