المعارضة الموريتانية تحتج والأعصاب تشتد والانتخابات بعد يومين

خميس, 2018-08-30 02:18

« القدس العربي»: غدًا الجمعة تختتم الحملة الانتخابية الممهدة للانتخابات النيابية والبلدية والجهوية التي ستشهدها موريتانيا الأحد المقبل في منعطف حساس من تاريخها تتنافس فيه تحالفات المعارضة وأطيافها مع الحزب الحاكم ومجرة الأحزاب الصغيرة السائرة في فلكه.

ومع اقتراب يوم الاقتراع تشتد الأعصاب هنا وهناك بين نظام يسعى للبقاء متكئًا على إنجازات منظورة وأخرى غير مرئية، ومعارضة تدفع نحو تغييره لكونها ترى في استمراره خطرًا على البلد اعتمادًا على ما تسميه «تسييره الكارثي للشأن العام».
وانفجرت في هذا النطاق أعصاب المعارضة الموريتانية أمس عندما فشل تنظيمها لمهرجانها الكبير في العاصمة بعد أن هيأت له كل شيء وبعد أن توافد أنصارها للمطار القديم المكان المخصص للتظاهرة؛ وتبرأت السلطات من إفشال العملية وأكدت أوساطها أنها رخصت للمهرجان وأن الذي اعترض على تنظيمه هو رجل الأعمال المالك لأرضية المطار الذي تقدم بشكوى للسلطات.
وأكد محمد جميل ولد منصور، مرشح المعارضة للمجلس الجهوي للعاصمة، في تدوينة أمس «أن لائحة التناوب الديمقراطي المكونة من أحزاب تواصل وتقدم والمستقبل وعادل وحاتم وإعادة التأسيس والمتقدمة لانتخابات جهة نواكشوط، قررت أن تنظم مهرجانًا مركزيًا في الساحة المقابلة لسوق لكبيد من المطار القديم، وكتبت رسالة لهذا الغرض لحاكم دار النعيم في الوقت المناسب وأعطى وصلًا عنها، وبدأت التحضيرات تعبئة وإعلامًا وتنظيمًا ونقلاً «.
«ومع اقتراب وقت انطلاق المهرجان، يضيف ولد منصور، جاء عناصر من الحرس وطلبوا إخلاء المكان باعتباره ملكًا خصوصيًا لشركة النجاح، وأن المهرجان مرخص، ولكن لا بد من موافقة المالك الخصوصي، وبعد أخذ ورد وبعد مكالمات عديدة مع الحاكم المعني، وبعد أن أشيع خبر عرقلة المهرجان، مع أن الناس بدأت تتدفق على الساحة، قررنا إعلام الجمهور بما وقع وتأجيل النشاط إلى وقت لاحق».
وقال: «الحاكم وقبل أيام استقبل إشعار المهرجان دون أن يطرح أي إشكال متعلق بالمكان، واستمرت التعبئة والدعاية للمهرجان يومين دون أي ملاحظة من أي كان، حاكمًا أو شركة، ثم إن ساحة المطار حتى لو سلمنا بأن «النجاح» تملكها أو تملك بعضها بناء على صفقة مشبوهة مشهورة، تحتوي مرافق عامة لا شأن للخصوصيين بها، لأن كل مخطط يلزم أن يبرمج على هذه المرافق، وكنا قد اقترحنا أمس عندما حدث ما حدث أن ننزاح في اتجاه الشارع، حيث العام، ولكن يبدو أن الخصوصية هي عنوان المرحلة سواء كانت خصوصية « النجاح « أو «الفشل « ومظاهر الأخير في سياسة القوم بادية ظاهرة».
وأضاف ولد منصور قوله: «تصرف السلطات أمس تعبير آخر عن مستوى الخوف والجزع، فضلًا عن التخبط والارتباك؛ فالنظام الذي أظهر في الأيام الأخيرة توترًا وعصبية في الخطاب والممارسة يدرك كم هي الناس مدبرة عنه، وربما ما خفي أعظم، وهي مناسبة نؤكد فيها أن الاستفزاز والطيش لن يفسدا على القوى الديمقراطية ما كان سببًا في مشاركتها أصلًا رغم اختلال قواعد اللعبة «.
وأردف قوله: «الرد يكون بمزيد فعالية ونشاط والتوجه بكثرة لأنشطة المعارضة الختامية للحملة، ومنها تظاهرة المعارضة كاملة المتوقعة يوم الخميس، وبعد ذلك التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع لإسقاط لوائح حزب النظام».
ودانت المعارضة الموريتانية، في بيان وزعته حول هذه الحادثة، ما سمته «غطرسة النظام ومحاولاته فرض إرادته على الموريتانيين من خلال القمع والظلم والابتزاز والاحتقار».
ودعت المعارضة «جميع الأحزاب السياسية والقوى الوطنية إلى الوقوف صفًا واحدًا اليوم ضد تصرفات النظام الظالمة، وغدًا ضد كل محاولات التزوير ومصادرة إرادة الناخبين».
ونبه البيان «لجنة الانتخابات إلى المسؤولية الجسيمة التي يحملها لها القانون المنشئ لها، حيث يقول في مادته الثانية إن من بين مهامها «رقابة الحملة الانتخابية»، لضمان عدم استخدام الممتلكات العمومية لصالح حملة حزب معين، وضمان العدالة بين مختلف الفرقاء السياسيين، ومساواة الفرص بينهم».
وأوضح البيان «أن السلطة أقدمت اليوم على تصرف هستيري جديد يعبر عن إحساسها بالهزيمة وتبرم الناخبين عن المشروع الذي تحاول عبثًا فرضه على الشعب الموريتاني لاستمرار حكم الاستبداد والنهب الذي تعاني منه البلاد منذ استيلاء رأس النظام الحالي على السلطة».
«فبعد أن رخصت السلطات للمهرجان الذي دعت له اللائحة المشتركة لأحزاب المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة على مستوى المجلس الجهوي للعاصمة، يضيف البيان، وبعد أن اكتملت إجراءات التنظيم وبدأت الجماهير تتدفق على ساحة المطار القديم، تملك النظام الرعب وجند قوات قمعه للعبث بالمنصة وتفريق المواطنين المتواجدين في الساحة.
«والحجة التي تذرع بها النظام للقيام بهذا الإجراء التعسفي، تضيف المعارضة، لا تستند إلى أي أساس قانوني: فساحة المطار ليست كلها ملكًا للجهة التي ادعت السلطة أنها صاحبة الرفض أو القبول، هذا إذا اعتبرنا أن الصفقة المشبوهة المعروفة تعطي أصلًا حق أي نوع من الملكية لهذه الجهة، فالدولة قد احتفظت بمساحات معتبرة من هذه الساحة، وبالتالي فالدولة وحدها هي التي تتصرف في هذا العقار العمومي، يضاف إلى ذلك أن صاحب الملكية المشبوهة قد باع الكثير من القطع التي كانت بحوزته لمواطنين لا يعقل أنهم اجتمعوا وأجمعوا على رفض عقد هذا المهرجان في أراضيهم». 
وأضافت المعارضة: «الحقيقة هي أن هذا التصرف تعبير عن التخبط والارتباك الذي تعيشه السلطة والذي لن يزيد الموريتانيين إلا إصرارًا على هزيمة هذا النظام مهما بالغ في أنواع القمع والتهديد والوعيد».
«وليست الجولات التي يقوم بها رأس السلطة داخل الولايات مستخدمًا طائرات الدولة ووسائلها ومسؤوليها وسلطتها، تضيف المعارضة، إلا أصدق دليل على إحساسه بتخلي أغلبية الموريتانيين، حتى من داخل حزبه وأغلبيته المزعومة، عن مشروعه الهدام، ما اضطره إلى تسويق نفسه بنفسه، لأن الجميع يحس اليوم وبارتياح أن صفحة حكم ولد عبد العزيز قد طويت وهو في آخر أيام آخر مأمورية لا يحق له الترشح لها». 
وخلصت المعارضة في بيانها للتأكيد على «أنه أصبح واضحًا اليوم لدى جميع الموريتانيين أن هناك نوعين من المرشحين: نوع ترشحه السلطة الحالية للدفاع عنها وضمان استمرارها، ونوع يرشحه المواطنون للدفاع عنهم وعن مصالحهم ومصالح البلد، وبالتالي فإن الخيار أصبح واضحًا، وذلك ما يفسر هستيريا السلطة وارتباكها».
وتدخل موريتانيا بناخبيها الذين يزيدون على المليون ونصف المليون وبأحزابها الثمانية والتسعين، الأحد المقبل، معركة الانتخابات النيابية والبلدية والجهوية المقررة فاتح سبتمبر المقبل، وهي انتخابات يشارك فيها الجميع، حيث رشحت فيها القبائل أبناءها وقدمت الأسر النافذة فيها رجالها ونساءها. 
وتتوزع قوائم الأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات بواقع 1559 قائمة للانتخابات البلدية، و161 قائمة جهوية، فيما بلغ عدد القوائم المتنافسة في الانتخابات النيابية 528 قائمة على مستوى المقاطعات، و97 قائمة وطنية و87 قائمة للنساء.