استطلاع : أحداث كوبني من زوايا متعددة

خميس, 2021-07-08 13:48

وكالة المستقبل- موسى إسلمو

يوم الجمعة الماضي اندلعت أحداث شغب كبيرة أثناء مظاهرات نظمها شباب بمدينة كوبني . كانت الأسباب المعلنة للاحتجاجات هي التخفيف من الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها ساكنة مقاطعة كوبني، وتوفير خدمات الماء والكهرباء بشكل دائم ودون انقطاع حسب مصدر محلي. الاحتجاجات تسببت في إلحاق الكثير من الأضرار بالأملاك العامة والخاصة على حد سواء.

السلطات الأمنية بالمدينة اعتقلت عشرات الشباب من المنظمين والمشاركين في المظاهرات. والي ولاية الحوض الغربي السيد محمد المختار ولد عبدي قام بزيارة لمدينة كوبني اجتمع خلالها بالأئمة والوجهاء والفاعلين السياسيين وحثهم على ضرورة الوقوف في وجه كل محاولة للتخريب وبث الفوضى والإضرار بالممتلكات العامة او الخاصة للمواطنين.

معتبرا أن المساس بالمصالح الخدمية والإدارية للدولة خط أحمر ولن يسمح به. الموقوفين تمت إحالة بعضهم للقضاء بينما أطلق سراح أغلبهم. أصل الأزمة: تعتبر مقاطعة كوبني من أكثر مقاطعات الوطن هشاشة من حيث القوة الشرائية وانتشار الفقر و الأمية' بسبب العزلة وما يشهده التعليم فيها من ضعف' كحال أغلب الخدمات في المدينة الحدودية.

لكنها وخلال السنوات الأخيرة وبعد فك العزلة عنها شهدت المدينة نموا ديمغرافيا كبيرا حيث توافدت عليها الكثير من التجمعات القروية التي كانت تتبع لها لأسباب عديدة، منها البحث عن الدراسة و ندرة المياه في بعض تلك القرى، هذا إضافة إلى البحث عن العمل خاصة أن المدينة الحدودية بدأت تشهد رواجا تجاريا كبيرا، مقارنة لما كانت عليه من قبل.

الهجرة الكبيرة من القرى الريفية إلى مدينة كوبني ولدت الكثير من المشاكل البنيوية للمدينة، منها فوضوية التخطيط العمراني. إضافة إلى أنها زادت من الضغط على شبكة المياه المحدودة السعة أصلا لنضوب بعض الآبار الارتوازية التي كانت ساكنة كوبني تعتمد عليها في الشرب.

إن هذه التطورات الديمغرافية الكبيرة وما خلفته من نواقص على مستوى، ( المياه وضغط على شبكة الكهرباء)، لم تجد إلى حد الساعة لفتة من الجهات الوصية لمعالجتها، وخاصة المشكل الكبير المتمثل في الانقطاع الدائم للماء والكهرباء.

فممطالة الجهات الإدارية في حل مشكلة المياه والكهرباء ولدت نقمة في نفوس المواطنين حسب تصريح لأحد شباب كوبني لوكالة المستقبل. هذه النقمة تجسدت في حراك شبابي صامت منذ زمن عبروا عنه من خلال نقاشات داخلية على شبكاتهم التواصلية، و عبر منصاتهم الشبابية المحلية، من خلال نقاشاتهم البينية أو استضافتهم لبعض الساسة والمنتخبين عن مدينة كوبني حسب هؤلاء. ليكون تحرك الجمعة الحجر الذي حرك بركة الهموم والمشاكل التي أرقت المواطن من خلال التظاهرة العنيفة والتي خرجت عن سيطرة المنظمين رغم بذلهم الجهد الكبير للحيلولة دون وقوع تلك الفوضى' لكن غضب الساكنة ومعاناتهم كان أقوى من سلمية المنظمين حسب أحد شباب كوبني.

لمنتخبى المدينة تفسيرهم الخاص

وكالة المسنقبل اتصلت بالعمدة المركزي لبلدية كوبني عثمان ولد سيدي أحمد لحبيب لتسأله عن أسباب وخلفيات الحراك المطلبي الذي تشهده بلدية كوبني. العمدة قال إنه لا يرى أي سبب لما حدث. فمشكل المياه والكهرباء مشكل وطني و ليس خاصا بكوبني، وهم في بلدية كوبني تحركوا أكثر من مرة لطرح قضية المياه والكهرباء على الجهات المعنية، وراسلوا بذلك الخصوص وزارتي المياه والطاقة.

ولد سيدي أحمد لحبيب قال إن التظاهر حق مشروع، لكن له ضوابط منها السلمية وإعلان الجهة المسؤولة أوالمنظمة لأي تظاهرة. وهذا ما لم يتوفر في مظاهرة كوبني حيث أن الإدارة وصلها طلب بلا رأسية وغير موقع من جهة معروفة تضمن سلمية التظاهرة، وعدم إلحاق الضرر بممتلكات السكان. وأمام هذه الحالة لم يكن أمام الإدارة غير رفض الطلب، حسب تصريح ولد سيدي أحمد لحبيب.

وحول الأضرار المادية التي تسببت فيها التظاهرة قال عمدة كوبني أنه تم تكسير زجاج أكثر من 13 سيارة من بينها سيارة للشرطة وسيارة إسعاف. إضافة إلى تكسير نوافذ مكاتب المقاطعة ومقر البلدية.

التظاهرة ولدت ردود فعل كثيرة من الفاعلين السياسيين والمنتخبين عن مقاطعة كوبني. النائب عن مقاطعة كوبني موسى ولد أبوه دعا في تدوينة له على صفحته بفيس بوك ساكنة كوبني إلى إبعاد الحراك الشبابي الأخير عن التجاذبات السياسية، والعمل على كل ما من شأنه زيادة اللحمة الاجتماعية ومعالجة الاختلالات والمشاكل التي تعاني منها المقاطعة وتسهيل الولوج للتعهدات التي أطلقها النظام الحالي.

كما عبر عن ثقته المطلقة بالمساطر القضائية المتبعة في حق المعتقلين، لكنه أشار في تدوينته إلى ضرورة مراعاة ظروف المعتقلين المساكين على حد تعبير ولد أبو.

من جهة أخرى طالبت النائب عن مقاطعة كوبني السيدة فاطمة بنت أعل محمود في تدوينة لها على صفحتها بفيس بوك الجهات الأمنية والقضائية (النيابة العامة) مراعاة الظروف التي ذهبت بالموقوفين إلى ما صاروا إليه، والتعامل بإيجابية مع إرادة ورغبة وتعهد ذويهم وشباب المقاطعة، وذلك بإطلاق سراحهم، وفق المساطر المعهودة.

كما قالت النائب : "ولا يفوتني أن أشدد على ضرورة العمل من أجل تحييد الدوافع التي كانت السبب في اندلاع الأحداث، والتسريع بحل مشكل النقص الكبير في الماء والكهرباء، وهو ما تعهدت به السلطات العليا مشكورة".

أحداث -حسب بعض المراقبين - بدلا من أن تجد حلا لمشاكل الساكنة، فاقمت من معاناتهم بتضرر ممتلكات الكثير منهم من أحداث الشغب من جهة، كما أنها أضافت معاناة أخرى إلى معاناة الأهالى الذين أصبح هاجسهم الرئيس البحث عن إطلاق سراح أبنائهم. لكن الأحداث الأخيرة نجحت رغم فوضويتها، في تسليط الضوء على مشكلات وهموم ساكنة مدينة كوبني. فمتى سيدرك المواطن في المدينة أن حق الاحتحاج مكفول دون الاضرار بممتلكات الغير، وتفهم السلطات أن الكبت يولد الانفجار...؟؟