أفكار بناءة / محد فال ولد سيد بون

أحد, 2014-09-28 16:11

خلال الانتخابات الرئاسية يونيو 2009 استخدم المرشح محمد ولد عبد العزيز شعار "التغيير البناء"،  شعار اعتقد البعض أن الرجل استخدمه لكسب الناخبين لا أكثر ولا أقل، على العكس من ذلك كانت الاغلبية الساحقة من الشعب الموريتاني تعتقد أن ولد عبد العزيز يعني ما يقوله وبالتالي صوتت له معلنة فوزه في الشوط الأول وبنسبة مريحة مؤذنة بذلك بداية تغيير طالما انتظره الشعب الموريتاني برمته.
 
أولى تجليات التغيير تمثلت في الحرب التي أُعلِنت على الفساد الذي كان متفشيا في جميع الادارات الموريتانية واعتقد أنه أصعب تحدي واجه نظام ولد عبد العزيز في مأموريته الأولى فمن السهل فطام طفل بعمر السنتين لكن من الصعب فطام "الكهول" الذين تعودوا نهب خيرات البلاد ولعشرات السنين، رغم أن الظاهرة لم يقض عليها تماما إلا أن الكل - موالاة ومعارضة - فهِم أن المال العام له حرمة.
 
بعد وضع النقاط على الحروف بدأ ولد عبد العزيز في كتابة واقع جديد للبلاد، كانت البداية مع "الأمن" الذي يعتبر الركيزة الأساسية لكل تنمية سواء كانت اجتماعية او اقتصادية فبعد الانفلات الامني الذي كانت البلاد تشهده والذي تجلى في تبادل إطلاق النار في "أرقى أحياء العاصمة انواكشوط" بين مجموعات إرهابية وقوات الأمن، ذبح الجنود الموريتانيين بتورين، قتل السياح الأجانب بألاك، صورة قاتمة سرعان ما تبدلت بعد ما قرر ول عبد العزيز حماية الموريتانيين حتى وإن تطلب الأمر مهاجمة الإرهابيين في عقر دارهم، إصرار لم يحم الحوزة الترابية للبلد وحسب بل هيأ لموريتانيا مكانة مرموقة كإحدى الدول القاهرة للإرهاب و كمُصدِّر للمقاربات الأمنية لدول الجوار ولدول العالم بصفة عامة.
 
لتوطيد الاستقرار قرر ولد عبد العزيز فتح الباب على مصراعيه أمام حرية التعبير في البلاد واضعا بذلك حدا لمصادرة الرأي والتنكيل الذي عانى منه الصحفيون والمواطنون على حد السواء خلال الأنظمة البائدة، وكنتيجة طبيعية لمجهودات الرجل تبوأت موريتانيا ولمرتين متتابعتين المركز الأول "عربيا" من حيث حرية التعبير، فخلال مأموريته الأولى لم تسجل ولا حالة سجين رأي واحدة رغم ان البعض استغل تلك الوضعية "الطبيعية" لاستهداف رئيس الجمهورية بالتلفيق و الجيش الوطني إلى غيرها من ركائز الدولة.
 
أمن واستقرار البلاد هيئا لتنمية حقيقية بدأت تجلياتها تظهر على مستوى التعليم والصحة والبنى التحتية والطاقة إلى غير ذلك من المجالات التي تخدم تطور البلد فعلى مستوى التعليم استحدثت ولأول مرة ثانويات الامتياز التي ظهرت نجاعتها في نسب النجاح العالية التي سجلت في المسابقات الوطنية وبترتيب متقدم لخريجي تلك الثانويات كما تم ولأول مرة اعتماد نظام ل م د الذي طور المنظومة التعليمية العالية في البلاد وتم ولأول مرة تشييد جامعتين إحداهما تهتم بالعلوم الاسلامية مُحيية بذلك الدور البارز الذي كان ولا يزال الشناقطة يلعبونه خدمة للدين الاسلامي الحنيف أما الأخرى فتهتم بالعلوم التقنية والطبية، المركبات الجامعية التي تم تشييدها، حُرص على أن تطابق المواصفات العالمية  كما طبقت فيها قاعدة لامركزية التعليم، على صعيد الصحة تم افتتاح 5 مستشفيات "متخصصة" و شيدت مدارس للصحة في كل من النعمة وسيلبابي أما بخصوص البنى التحتية فحدث ولا حرج فحجم الانجازات التي تم تحقيقها في هذا المجال يتحدث عن نفسه أحياء بالجملة تم بناؤها وبمواصفات تحترم كرامة الانسان وتجعل من الماضي المساكن العشوائية التي تم تجاهلها عقود ومن عدة أنظمة متلاحقة على حكم البلاد، مطارات من ضمنها مطار انواكشوط الذي سيستقبل عند انتهاء أشغاله مليوني مسافر، شوارع وأرصفة  في جميع ربوع العاصمة وفي داخل البلاد وفي القريب العاجل سيتم تشييد جسور لتحد من أزمة النقل بانواكشوط، على مستوى الطاقة وحسب تقارير البنك الدولي فموريتانيا هي الدولة الافريقية الاولى من حيث تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية ولأول مرة في تاريخ البلاد تسد العاصمة انواكشوط 30% من حاجيتها الطاقوية من عملية التحويل هذه وسترتفع هذه النسبة إلى 50%، هذا بالاضافة إلى الطاقة التي سيوفرها حقل "باندا" والذي وافقت بلادنا مؤخرا على بيع الطاقة الزائدة منه عن احتياجاتنا إلى دولة السينغال الشقيقة .
 
كل هذه الانجازات العملاقة تمت في وقت وجيز وفي ظرف دولي راهن يتميز بأزمة خانقة تضرب الدول المانحة، ففرنسا مثلا استبدلت حكومتها مرتين لأسباب "اقتصادية" وتفكر في بيع موروثها الثقافي لسد العجز الحاصل في ميزانيتها مجارية في ذلك البرتغال التي باعت لحد الساعة ما قيمته 35 مليون اورو من لوحاتها الفنية.
 
وليبقى القلم "العزيزي" يخط بإنجازاته الملموسة، فتح الشعب الموريتاني له 5 صفحات جديدة لن تكون أقل حظا من سابقاتها خصوصا و أن الرجل أظهر قدرة جيدة على الكتابة كما أبانت الصفحات الخمس الأول.