طرح أسهم البنك الأهلي التجاري السعودي للاكتتاب الأسبوع المقبل وسط جدل ديني حول وجود شبهة بقيامه»بمعاملات محرمة وربوية

أربعاء, 2014-10-15 12:56

تشهد سوق الأسهم السعودية يوم الأحد المقبل أكبر طرح للأسهم في الشرق الأوسط، إذ يعتزم البنك الأهلي التجاري، أكبر مصرف في المملكة من حيث قيمة الاُصول، جمع 22.5 مليار ريال (ستة مليارات دولار) في طرح عام أولي من المتوقع أن يشهد إقبالا كبيرا رغم معارضة عدد من الشيوخ وعلماء الدين.
وخلال الأسابيع الماضية أفتى عدد من العلماء ورجال الدين البارزين في المملكة بعدم جواز الاكتتاب في أسهم الأهلي التجاري، وأرجعوا ذلك لوجود معاملات اعتبروها محرمة وفوائد ربوية في القوائم المالية للبنك.
لكن اقتصاديين وخبراء هونوا من تأثير وجهات النظر تلك على الإقبال على الاكتتاب، الذي يتاح للمرة الأولى للأفراد السعوديين فقط، دون مشاركة المؤسسات المالية، فيما ينظر إليه على أنه أحد السبل لتوزيع الثروة النفطية الضخمة التي تتمتع بها المملكة.
وسيبيع البنك الأهلي التجاري 300 مليون سهم لمستثمرين سعوديين أفراد، و200 مليون سهم إلي المؤسسة العامة للتقاعد التي تديرها الدولة بسعر قدره 45 ريالا للسهم في أول طرح لبنك في المملكة منذ العام 2008.
وتملك المؤسسة العامة للتقاعد حاليا حصة أغلبية في البنك الأهلي التجاري، المصرف الوحيد غير المدرج من بين 12 بنكا في السعودية. ويملك البنك اُصولا بلغت قيمتها نحو 101 مليار دولار في نهاية عام 2013. وحقق أرباحا صافية قدرها 1.2 مليار دولار العام الماضي.
وعلى أساس سعر الطرح سيكون سهم البنك الأهلي التجاري ثالث أكبر سهم في البورصة السعودية، وسيكون البنك ثاني أكبر مصرف من حيث القيمة السوقية. والراجحي هو أكبر البنوك المدرجة حاليا في البورصة وتبلغ قيمته السوقية 30.8 مليار دولار.
بنك ملتح:
يترقب المستثمرون تدشين الطرح منذ أن أعلن وزير المالية إبراهيم العساف في فبراير/شباط عن خطط إدراج الأهلي التجاري.
وتزداد أهمية الطرح بفضل توقيته، إذ يأتي قبل أن تفتح هيئة السوق المالية البورصة أمام الاستثمار المباشر من المؤسسات المالية الأجنبية في النصف الأول من العام المقبل.
ومنذ الإعلان عن تلك الخطط أصدر عدد من رجال الدين والعلماء البارزين فتاوى تحرم الاكتتاب في أسهم أقدم بنك في المملكة، وقالوا إن قوائمه المالية تنطوي على معاملات «ربوية ومحرمة».
وفي أحد البرامج بتلفزيون الدولة هذا الأسبوع قال الشيخ عبدالله المطلق، عضو هيئة كبار العلماء، ردا على سؤال حول جواز الاكتتاب في أسهم البنك التجاري «الذي يظهر لي الآن أنه لا يجوز لأنه لا يزال عند البنك معاملات محرمة كثيرة جدا».
وأضاف «هذا البنك عملاق والدولة تملك فيه أجزاء كبيرة ويعتبر من البنوك الرائدة في المملكة، والله يؤسفنا أننا نقول للناس لا يجوز لكن ديننا غالب… نسأل الله تعالى أن يوفق المسؤولين في البنك وفي المؤسسات المصرفية أن يهيئوا الأجواء المناسبة لإخوانهم المستثمرين بالطرق المباحة شرعا».
وحرم الشيخ سعد الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء واستاذ الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود، أيضا الاكتتاب في أسهم الأهلي التجاري وقال إن نشرة الإصدار أوضحت «نسبة كبيرة من القروض والتمويلات المحرمة وسندات دين بفوائد ربوية».
وفي يوليو/تموز قال الشيخ محمد بن سعود العصيمي، الذي يتابع عدد كبير من المتعاملين بالبورصة أراءه عن كثب للاستثمار في الشركات المتوافقة مع الشريعة، إنه «لا يجوز شرعا» الاكتتاب في أسهم الأهلي التجاري لأن البنك «يشغل نحو 50 في المئة من الودائع في جوانب محرمة».
لكن لا يحمل كل رجال الدين نفس الرأي، إذ قال الشيخ عادل الكلباني إمام الحرم المكي سابقا في تغريدة له على موقع تويتر انه يرى أن البنك الأهلي التجاري مثله مثل مصرف الراجحي، مشبها المصرفين بشخص ملتح وآخر بدون لحية في إشارة للطابع الإسلامي لمصرف الراجحي.
وقال «مسكين هالمواطن… إن اكتتب قالوا ما فيك دين، وإن ما اكتتب قالوا ما عندك وطنية. الواقع أن الراجحي مثل الأهلي بس ذاك ملتحي وذا حليق».
ولم يعلق مسؤولون في الأهلي التجاري على آراء رجال الدين، لكن البنك أصدر مساء أمس الأول بيانا قال فيه ان البنوك التي ستروج للاكتتاب أتمت كافة الاستعدادات اللازمة لإنجاز الاكتتاب الذي سينطلق يوم الأحد وينتهي في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ونقل البيان عن منصور الميمان رئيس مجلس إدارة البنك قوله «يمتلك البنك الأهلي التجاري خططا استراتيجية للأعوام المقبلة تتميز بوضوحها وعمقها».
وأضاف «من المنتظر أن تلعب تلك الخطوة المهمة دورا مؤثرا وهاما في الاقتصاد الوطني وتعزز من ثقة المتعاملين في سوق الأسهم السعودية، حيث سيتيح ذلك أيضا فرصا استثمارية اضافية للمواطنين السعوديين ويضيف عمقا استراتيجيا لسوق الأسهم».
رجال الاقتصاد:

على الجانب الآخر أبدى عدد من الخبراء ورجال الاقتصاد تفاؤلهم بتغطية كبيرة للاكتتاب نظرا لقوة البنك ومتانة قوائمة المالية وما يوفره من فرصة استثمارية كبيرة.
ويقول الاقتصادي البارز عبدالوهاب أبو داهش «في المصرفية ليس هناك ما يسمى بنك إسلامي أو تقليدي. هناك منتجات متوافقة مع الشريعة قد تختلف من لجنة شرعية لأخرى في إجازتها».
وتابع «اعتقد أن الاكتتاب سيتغطي بأكثر من 50 مليار ريال. البنك مر بعملية تنظيف للقوائم المالية منذ عام 1990 وحتى الآن، وهو واحد من أفضل البنوك السعودية أداء ولديه قوائم مالية قوية جدا وهذا يدعو للاطمئنان».
من جانبه قال مازن السديري، رئيس الأبحاث لدى شركة «الاستثمار كابيتال» للسمسرة «التصادم بين المشايخ والاقتصاد أمر سلبي من قديم الأزل، لكن ذلك لن يمنع المواطن العادي من المشاركة في الاكتتاب وتغطيته بأكثر من مرة».
وقال «الأهلي التجاري ليس منتجا جديدا ليقال هو حلال أم حرام، بل هو أكبر بنك سعودي ومتواجد في حياة المواطنين منذ 60 عاما، ويساهم بنحو 16 في المئة من حجم الإقراض المصرفي بأكمله، ولديه أكبر قيمة للاُصول بين البنوك السعودية.»
وأضاف السديري أن إجمالي ودائع البنك يتجاوز 345 مليار ريال بينما تبلغ اُصوله 435 مليارا.
ولم تقف الآراء الدينية حائلا دون خلق قطاع مصرفي قوي في المملكة. لكن تطوير نواح اُخرى في الاقتصاد، مثل قطاع التأمين الصحي والرهن العقاري، لا يزال بطيئا بسبب الآراء الدينية. كما يحمل عدم السماح للمرأة بقيادة السيارات الاُسر والشركات تكلفة إضافية.
يقول تركي فدعق، رئيس الأبحاث والمشورة لدى شركة البلاد للاستثمار «أنا رجل اقتصاد ولست برجل دين ولذلك أنظر للأمر من الناحية الاقتصادية، وبوجه عام فإن القوائم المالية للبنك إيجابية جدا».
ويضيف «للمرة الأولى يتاح الاكتتاب للأفراد فقط دون مشاركة المؤسسات الاستثمارية، فيما يبدو أن الحكومة تحاول إعطاء فرصة للمواطنين الأفراد للمشاركة كنوع من توزيع الثروة، لاسيما أن التقييم أقل كثيرا من البنوك الأخرى في القطاع».
وأضاف «الأهلي التجاري أكبر بنك من حيث الاُصول والودائع، ويتمتع بجاذبية اقتصادية عالية. وأرى أن هناك فرصة لتحقيق عائد لا يقل عن 30 في المئة من هذا الطرح».
(الدولار = 3.75 ريال سعودي).