أخطار صحية تهدد سكان المناطق الصناعية في موريتانيا

اثنين, 2024-04-08 17:56

سجلت خلال الأعوام الأخيرة مئات الحالات المتعلقة بالتنفس لدى سكان منطقة توجونين الموريتانية

لا تخلو تنمية الصناعات في موريتانيا من آثار بيئية وصحية خطرة، لا سيما في الأحياء المأهولة، إذ يتسبب التلوث الناجم عن المصانع والمعامل في أمراض شتى لسكان تلك الأحياء إلى جانب الأخطار البيئية وتلوث مياه الأنهار بالمواد الكيماوية والملوثات الأخرى، وقد تؤثر الصناعات في جودة التربة.

يقول المواطن عالي أندل، "فقدنا الإحساس بالأوكسجين النظيف منذ أعوام، وقد اعتدنا تنشق دخان هذه المصانع ما تسبب في حالات ضيق تنفس بين السكان، بل وأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي". ويضيف "أن مصنعي الأسمنت الأبيض (بلاتر) ومصنع الحديد الباكستاني الذي تم افتتاحه في مقاطعة توجونين شرق العاصمة الموريتانية نواكشوط، هما مصدر العوادم والدخان والروائح الكريهة، وبسببهما يتعالج بعض السكان اليوم، ويحاولون دوماً الخروج بعيداً من هذه المنطقة بحثاً عن هواء نقي".

سماء ملبدة بالدخان

وقد سجلت خلال الأعوام الأخيرة مئات الحالات المتعلقة بالتنفس ومشكلاته لدى سكان المنطقة الواقعة في الجزء الشمالي من توجونين.

ويقول أحمد الصوفي ممادي، الناشط في تنسيقية الأحياء المتضررة من تلوث المصانع، إن "المراكز الصحية في مقاطعة توجونين سجلت عشرات الحالات من حرقة في الحنجرة وضيق التنفس والتهابات وسيلان دموع العينين والحكة".

سجلت المراكز الصحية في مقاطعة توجونين عشرات الحالات من حرقة في الحنجرة وضيق التنفس (اندبندنت عربية)

ودقت جمعيات عاملة في مجال السلامة البيئية ناقوس الخطر، ودعت وزارة البيئة الموريتانية واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى تلافي الوضع، إذ نشرت هذه الجمعيات بيانات عدة وصفت فيها حالة هذه الأحياء بالخطرة على الصحة العمومية.

ومع تزايد امتعاض السكان من تلوث هواء حيهم، شكل شباب المنطقة تنسيقية لرفع تظلمات الأهالي إلى السلطات المعنية.

وحذر خبير البيئة المهندس محم عبدالله من وجود هذه المصانع قرب الأحياء السكنية، وقال "يمكن إنشاء منشآت صناعية على سبيل المثال في منطقة نواكشوط، في الجزء الجنوبي من المدينة، حتى لو لم يكن هناك تركيب ثابت في هذه المنشآت"، وعلل ذلك بأن "الرياح في نواكشوط تأتي من الشمال الغربي محملة بانبعاثات من أماكن أعمق وأهلة بالسكان".

ونشر المتخصص البيئي محم عبدالله تحذيراً ودعمه بالقول "إن التسريبات وانبعاثات المصانع (المنطقة الصناعية) تتوجه مباشرة إلى السكان الموجودين في المواقع الوسطى، وذلك لوجود تصادم بينها وبين طبقة الانعكاس الحراري الموجودة على الأرض".

ويعزز ذلك، بحسب المتخصص البيئي، أن "الطبقة الهوائية على طول الساحل البحري تمتد بعمق نحو اليابسة بسرعة تصل إلى 100 كيلومتر مع ارتفاع يصل ما بين 300 و600 هي طبقة انعكاس حراري، ما يعني أن مداخن المصانع في المنطقة لتتمكن من تمديد انبعاثاتها في طبقات الجو العليا يجب أن تكون مداخنها في حدود ذلك الارتفاع وهو ما لم يتم مراعاته".

السلطات تعلق

حراك سكان مقاطعة توجونين في المنطقة الشمالية الغربية بدأ منذ عام 2019 بصورة مستمرة من خلال الوقفات المنددة بواقعهم البيئي بسبب تلوث هذه المصانع، وأصدر الأهالي بيانات حذرت من خطر المصانع وعوادمها على صحة الإنسان.

وفي آخر تصريح إعلامي لوزيرة البيئة الموريتانية ليليا كامرا قالت فيه إن "الوزارة أنجزت عام 2023 تقييماً بيئياً استهدف أكثر من 298 مشروعاً، وأطلقت 160 بعثة تفتيش للمصانع، وبخاصة تلك الناشطة في مجال إعادة تصنيع النفايات التي تمثل نسبة 40 في المئة من الصناعات في هذه المنطقة، التي شكلت موضع شكاوى بعض السكان منذ عام 2009".

أنجزت وزارة البيئة عام 2023 تقييماً بيئياً استهدف أكثر من 298 مشروعاً وأطلقت 160 بعثة تفتيش (اندبندنت عربية)

وأكدت الوزيرة أنه "تم اتخاذ جملة من المبادرات من أبرزها إطلاق مسوح حول الأنشطة الصناعية في جميع التراب الوطني"، داعية إلى "اتخاذ إجراءات خاصة تتعلق بالحد من الانبعاثات الملوثة للبيئة."

وفي الشهر الماضي، أصدرت وزارة البيئة الموريتانية قراراً يقضي بتعليق عمل مصنعين من المصانع الموجودة في مقاطعة توجونين بولاية نواكشوط الشمالية، وذلك بعد شكوى السكان من أضرارهما على صحتهم بسبب الدخان.

ووجهت الوزارة رسالة إلى والي نواكشوط الشمالية، أمرت فيها بتعليق عمل مصنعين للحديد حتى إشعار آخر، وذلك بتاريخ 23 فبراير (شباط) 2024.

لكن قرار وزارة البيئة المتضمن في الرسالة لم يجد طريقه للتنفيذ، بحسب السكان والنشطاء الذين تابعوا الملف بالكثير من الاهتمام، وذلك بدليل أن "الروائح الكريهة ذاتها والعوادم المنبعثة ليل نهار ما زالت تزكم أنوفنا، وتصدر الأصوات نفسها"، بحسب عالي أندله أحد سكان توجونين.

أقريني أمينوه
اندبندنت عربية