إحصائيات تؤكد تفشي العنف ضد المرأة في المجتمع الموريتاني -

ثلاثاء, 2014-12-23 00:25

قضت الآن حملة «لوّن حيك بالبرتقالي» التي خصصت لها الأمم المتحدة أسبوعان كاملان لزيادة الوعي والتحسيس حول العنف الذي تواجهه المرأة في العالم العربي.وكان حظ المرأة الموريتانية في الشقين العربي والزنجي من المجتمع الموريتاني ضعيفا في هذه الحملة، كما أكدت ذلك لـ «القدس العربي» الحقوقية البارزة بنت المختار آمنة التي ترأس منظمة النساء معيلات الأسر في موريتانيا.وتعرف المدونة القانونية الموريتانية العنف ضد المرأة «بأنه كل تصرف أو سلوك بشري ينزع إلى استخدام قدر من القوة القسرية، بما في ذلك الإكراه والأذى الجسدي الذي يتضمن الضرب والأذى النفسي وغيرهما». الضرب علامة حب وغرام يعتبر الضرب أهم مظاهر العنف الذي يمارسه الرجال ضد المرأة، وهو في المجتمع الزنجي الموريتاني علامة حب ووله؛ فالمرأة التي لا يضربها زوجها كل يوم أو يومين امرأة فاشلة في المعتقد السائد لدى الأقلية الزنجية الموريتانية؛ وكان الأمر في المجتمع العربي الموريتاني بعكس هذا، فقد كان ضرب المرأة عارا ومسبة قبل أن تتغير عادات المجتمع ويصبح ضرب المرأة في هذا الشق من المجتمع سلوكا شائعا. مظاهر متعددة للعنف وبمراجعة تقارير وتقييدات إدارة النزاعات الأسرية في وزارة شؤون المرأة في موريتانيا تتضح مظاهر العنف عبر مئات الشكاوى التي تقيدها نساء ضحايا لعنف أزواجهن لدى الوزارة.من مظاهر العنف المسجلة الخوف الدائم وعدم الإطمئنان ومنها الضرب المبرح، والكي بالنار والحرق بالغاز المشتغل وإطفاء أعقاب السجاير على الخدود وأحيانا حتى داخل الفروج.يقول الباحث الاجتماعي الموريتاني محمد محمود معالي «إن الضرب عند الزنوج تقليد أبوي متوارث.. ولدى الأغلبية العربية فضيحة تلاحق الرجل».ويضيف «تتفاوت ظاهرة العنف الزوجي في المجتمع الموريتاني حسب تفاوته الطبقي والعرقي، حيث تنتشر ظاهرة تعدد الزوجات وضربهن في أوساط قوميات الأقلية الزنجية، ويعتبر الضرب أحيانا تعبيرا من الزوج لزوجته عن حبه لها واهتمامه بها، وتفرض العادات على الزوج أن يتعامل مع زوجته كما يتعامل معها أبوها وأخوها الكبير، فهو في العرف المحلي مسؤول عن تأديبها».ويؤكد الباحث الاجتماعي السنغالي توري مودو»أن الزوجة في المجتمع الزنجي إذا رأت زوجها يضرب باقي زوجاته ويحجم عن ضربها، فإن ذلك قد يكون مثار شك لديها في حبه لها واهتمامه بها».ويضيف الباحث «بدأت تلك الظاهرة تتقلص تدريجيا مع ازدياد نسبة الوعي بين السكان، وتفعيل القوانين المجرمة للعنف الزوجي». ضرب الزوجة عار «أما الأغلبية العربية، يقول الباحث محمد محمود، فيكاد الأمر ينعكس فيها، حيث يعتبر ضرب النساء فضيحة تلاحق الرجل إن هو أقدم عليه، ويقدم بعض القضاة الشرعيين التقليديين في موريتانيا على تطليق المرأة من زوجها عنوة إذا هو ضربها، بل إن كلمات جارحة أو عنيفة من الزوج لزوجته، قد تكون كافية لتطليقها منه، وهو ما يعتقد الباحثون الاجتماعيون أنه كان السبب في انتشار ظاهرة الطلاق بشكل كبير في الأوساط العربية الموريتانية، وتناقصها في الأوساط الزنجية، حيث لا يجد الرجل العربي حيلة لتفريغ شحنة غضبه على المرأة إلا بتطليقها، لأنه لا يملك سلاحا آخر لعقابها، فيما يملك الرجل الزنجي الحق الاجتماعي في ضربها والتزوج عليها، الأمر الذي يجعله أقل إقداما على الطلاق من نظيره العربي». التقاليد وضرب الزوجة يضيف الباحث ابو المعالي «ورغم أن القوانين الموريتانية تعاقب بشكل صارم العنف ضد المرأة مهما كانت، زوجة أو أختا أو بنتا، ناهيك عن بقية النساء، إلا أن موروثا من العادات والتقاليد يستند إلى تفسيرات لنصوص دينية في بعض الأحيان، جعل مهمة استئصال العنف الزوجي أمرا بالغ الصعوبة، حيث يدخل العنف الزوجي لدى البعض في إطار التقاليد المتوارثة في المجتمعات الأبوية والتي تقوم على اعتبار رب الأسرة المسؤول الأول عن تأديب أفراد العائلة في حال مخالفة الأعراف، سواء كان هذا التأديب ماديا أو معنويا، ومن هنا فإن له مطلق السلطة التقديرية في معاقبة الزوجة».تؤكد دراسة لوزارة شؤون المرأة في الحكومة الموريتانية «أن العنف الزوجي ينتشر بشكل ملفت للانتباه، رغم أن عدد حالات العنف ضد المرأة التي يتم التبليغ عنها لا يعكس حجم العنف الزوجي الواقع في المجتمع، مع انتشار ظاهرة جهل الكثير من الناس بالمؤسسات الرسمية والمنظمات غير الحكومية التي تنشط في محاربة ظاهرة العنف ضد المرأة وتلاحق مرتكبيه، هذا فضلا عن أن اللجوء إلى التقاضي يعتبر في أحيان كثيرة فضيحة تعكس فشل المؤسسة الأسرية والقرابة التقليدية في معالجة القضايا الأسرية، في مجتمع محافظ، يرفض أن تخرج مشاكله من بين جدران البيت». ضحايا وخفايا حول ظاهرة انتشار العنف أكدت أم جارا وهي زنجية أربعينية وزوجة ثالثة لخمسيني بعد أن سجلت لدى مصلحة النزاعات الأسرية شكوى من زوجها الذي ترك في مختلف أنحاء جسدها تشوهات دالة «على العنف الذي يمارسه ضدها بلا سبب سوى نزوات».وكشفت أم جارا عن كدمات سببتها «ضربات عنف بمقعد أنزله زوجها العنيف على رأسها وكتفيها ذات ليلة بسبب ضغوط مارسها دائنون على الزوج».وتقول آمنة بنت المختار رئيسة رابطة النساء معيلات الأسر «أن العنف له جوانب وتفسيرات كثيرة، لكنه معروف بأنه عنف جسدي وجريمة الإغتصاب والعنف اللفظي والعنف الاقتصادي والعنف النفسي، وهنالك الزواج المبكر والزواج القسري، والممارسات غير اللائقة التي تمارس على المرأة والتحرش الجنسي والعنف البوليسي والعنف في الشارع والعنف داخل الأسرة». كسر وقتل وانهيار أخلاق وتضيف «لدي نماذج كثيرة وبخاصة في العنف الأسري حيث نعرف أن هنالك سيدة ضربها زوجها وكسر ذراعيها ورجليها وصب عليها الماء الساخن وهي حامل في شهرها السابع».«وبالنسبة لجريمة الإغتصاب، تضيف آمنة، لدينا أب اغتصب ابنته ذات العشر سنوات، هناك جريمة قتل التي هي أكبر من العنف حيث أن زوجة قاصرة لديها ثلاثة عشر عاماً كانت حاملا وقتلها زوجها».وحول أسباب انتشار ظاهرة العنف تضيف آمنة بنت المختار «هنالك كانت قوميات تكرم المرأة في الماضي، ولكننا اليوم في تصادم ثقافي تنتشر فيه فضائيات تجلب لنا أفكاراً أخرى وقيماً أخرى وقضايا أخرى، وفي وضع توجد فيه القوة الشرائية للأسرة متدهورة ويتفشى فيه الانحلال الخلقي وتدهور القيم؛ كل هذا أدى إلى تطور الجريمة في موريتانيا وتطور العنف داخل الأسرة».وتؤكد بنت المختار «أن الكثير من القضايا التي لم تكن معروفة في المجتمع العربي والتي من أبرزها العنف ضد المرأة، أصبحت موجودة، ففي القومية العربية لم يكن الرجال يضربون المرأة واليوم يوجد بكثرة رجال عرب يضربون المرأة ومنهم مثقفون ومتنورون وهذا يدعو للاستغراب». كفاح وعقبات وحول مجهودات المنظمات غير الحكومية للحد من ظاهرة العنف تقول «نحن نحاول أن نحد من الظاهرة هنالك عقبات كثيرة تواجهنا، من هذه العقبات غياب تطبيق القانون، لكن أخطر من ذلك عدم وجود قانون أصلاً يجرم العنف الأسري وجريمة الإغتصاب، وبالتالي فإن ما يسمى القانون الجنائي فيه مادة أو اثنتين تتكلمان عن جريمة الإغتصاب أو القتل، ولكن ليست هنالك قوانين داخلية تحمي من العنف الأسري وضرب المرأة وعنف الشارع والعنف البوليسي.وأضافت «تقدمت منظمتنا رابطة النساء معيلات الأسر، بمشروع قانون يجرم أنواع العنف ضد المرأة وآخر لحماية القصر، وما زلنا ننتظر». التعلم يحد من العنف ويؤكد تقرير لرابطة النساء معيلات الأسر حول ظاهرة العنف ضد المرأة «أن العنف يرتبط ارتباطا وثيقا بالمستوى التعليمي، إذ كلما انخفض هذا المستوى ارتفعت نسبة التعرض للعنف الزوجي».ويشير التقرير «إلى أن نسبة النساء الأميات اللواتي تعرضن للعنف الزوجي في حياتهن تتجاوز 46 في المئة، وتتناقص النسبة لدى اللواتي حصلن على مستوى تعليمي ابتدائي لتبلغ 30 في المئة، وكلما رفعت المرأة مستواها التعليمي، تناقص حظها في العنف الزوجي، حيث تبلغ نسبة اللواتي تعرضن للعنف على يد أزواجهن من ذوات المستوى التعليمي الإعدادي 11 في المئة، وتبلغ النسبة 7 في المئة لدى صاحبات المستويات التعليمية الثانوية، في حين لا تتجاوز نسبة الجامعيات اللواتي يتعرضن للعنف الزوجي 1 في المئة». المهن تقي من العنف ويرى التقرير «أن للمهن كذلك دورها في تصنيف حالات العنف الزوجي، حيث تقول الوزارة المكلفة بشؤون المرأة إن نسبة 42 في المئة من الزوجات العاطلات عن العمل يتعرضن للعنف على يد أزواجهن، في حين تبلغ النسبة 4 في المئة فقط بين الطالبات والموظفات».وتتجه المؤشرات تنحو ارتفاع منحنى العنف الزوجي، يضيف التقرير، مع طول العشرة الزوجية وارتفاع عدد أطفال الأسرة، حيث تبلغ نسبة من تعرضن للعنف على يد أزواجهن خلال العامين الأولين من الزواج 21 في المئة، وترتفع النسبة كلما طالت فترة الزواج لتبلغ 32 في المئة لدى من تتراوح فترات زواجهن ما بين 11 و14 سنة. الأطفال لهم دور ونصيب ويؤكد التقرير «أن للأطفال نصيبهم في تأجيج حرارة العنف الزوجي، حيث تبلغ نسبة تعرض الحوامل للعنف على يد أزواجهن، 10 في المئة بين حالات العنف الزوجي المسجلة، بينما تبلغ نسبة أمهات طفل واحد اللواتي تعرضن للعنف الزوجي 18 في المئة بين الحالات المسجلة، وتزيد النسبة مع ذوات الطفلين فما فوق.ويؤكد التقرير أيضا «أنه كلما ارتفع فارق السن بين الزوجين أيضا كلما ازداد احتمال تعرض الزوجة للعنف على يد زوجها، حيث ترتفع النسبة لدى الأزواج الذين يكبرون زوجاتهم بعشر سنوات فما فوق لتبلغ نسبة 67 في المئة، ربما لأن القيم التقليدية والتوقعات القديمة ما زالت حاضرة عند هؤلاء، في مقابل جيل من الزوجات الشابات». الإدمان سبب رئيس ويؤكد البــاحث أبو المعالي في تعليق له على التقرير «أن ظاهرة العنف الزوجي بدأت تتضاءل بحيث تكاد تخـــتفي في الأوساط الاجتماعية الحضرية ذات المستـــوى المادي المرتفع، والتي تقتصر معظم حالات الــعنــف الزوجـــي فيها على بعض مدمني الخمور والمخــدرات، في حين تنتشـــر الـــظــاهرة بشكل أكبر فـــي الأوســـاط الفقـــيرة بســبب انتشار الجهل وغياب الـــوعي، وتلاحـــق الأزمات والمشاكل الأسرية».ضرب الزوج لزوجته الزنجية علامة حب… كان عارا عند العرب وأصبح شائعا القدس العربي - عبد الله مولود - See more at: http://mourassiloun.com/?q=node/2039#sthash.9xkn9VKd.dpuf