
على الرغم من المحاولات الجريئة التي يقوم بها مدرب مانشستر يونايتد روبن أموريم، من أجل إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، أو على أقل تقدير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل نهاية الموسم، آخرها التعادل مع جار المدينة مانشستر سيتي بدون أهداف، ثم بالتعادل أمام ليون خارج القواعد بنتيجة 2-2 في ذهاب الدور ربع النهائي لبطولة اليوربا ليغ، إلا أنه يعرف جيدا أن منصبه في «أولد ترافورد» ليس في مأمن، أو على الأقل لم يعد مضمونا بناء على لغة الأرقام والإحصائيات، التي تخبرنا بأن زعيم إنكلترا على المستوى المحلي، تجرع حتى الآن من مرارة الهزيمة في 13 مناسبة منذ بداية الدوري الإنكليزي الممتاز، كثاني أسوأ حصيلة هزائم بالنسبة للشياطين الحمر في موسم واحد، أو أقل بهزيمة واحدة من حصيلة المدرب السابق إريك تين هاغ في الموسم الماضي، الفارق هذه المرة، أن الفريق بات مهددا بإنهاء الموسم في مركز كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مع اتساع الفارق مع بورنموث صاحب المركز العاشر إلى سبع نقاط، وذلك قبل نهاية الموسم بسبع جولات فقط، ما يعني بشكل أو بآخر، أن اليونايتد سيغيب عن البطولات القارية للمرة الأولى منذ عقد من الزمان -حال فشل في الفوز باليوربا ليغ-، وهذا في حد ذاته، لا يعكس سوى فشل المدرب الثلاثيني في إحداث تغيير فوري في الفريق بعد تسلمه المهمة خلفا لسلفه الهولندي في شباط/فبراير الماضي، إلا إذا ساعدته الإدارة في إسراع وتيرة «إعادة بناء الفريق»، وهذا كما تقول منصة «INews»، لن يتحقق إلا ببعض التضحيات والإضافات الضرورية في الميركاتو الصيفي، والإشارة إلى الأسماء التي ينبغي التخلص منها قبل بداية الموسم الجديد، حتى يتمكن المدرب من رسم المشروع بالطريقة التي يريدها لنفسه ويحلم بها عشاق الكيان منذ اعتزال شيخ المدربين سير أليكس فيرغسون عام 2013.
يأتي في مقدمة الأسماء المطروحة على طاولة المغادرين، أو الضحايا المحتملين في خطة «إعادة هيكلة» اليونايتد تحت قيادة أموريم، المهاجم الدنماركي راسموس هويلند، الذي خيب آمال المشجعين، بظهوره الباهت بالقميص الأحمر للموسم الثاني على التوالي، لدرجة أن زميله المدافع هاري ماغواير، يملك إحصائية هجومية أفضل منه، بنسبة أهداف متوقعة في المباراة بنحو 0.6 هدفا، وهي نسبة لم يقترب منها المهاجم الاسكندينافي في آخر 15 مباراة مع الفريق، والأسوأ على الإطلاق، أنه اكتفى بتسجيل ثمانية أهداف فقط من مشاركته في 40 مباراة مع الفريق في مختلف المسابقات هذا الموسم، كمعدل أهداف لا يتماشى أبدا مع مهاجم من المفترض أنه يلعب لفريق بحجم مانشستر يونايتد، ولا حتى دُفع فيه أكثر من 72 مليون جنيه إسترليني، على أمل أن يكون النسخة الجديدة لجلاد الجيران إيرلينغ هالاند الحقيقي، لكن على أرض الواقع، تبين أنه مهاجم أقل من توقعات وطموحات أصحاب «مسرح الأحلام»، صحيح هو ما زال بعمر 22 عاما، وواقعيا يبدو وكأنه يملك الوقت الكافي لإظهار إمكاناته، لكن حجر العثرة بالنسبة للمدرب أموريم، أنه لا يملك رفاهية الوقت، في ظل وجود أسماء متاحة في الميركاتو بوزن ألكسندر إيزاك، وفيكتور أوسيمين وفيكتور جيوكيريس، وتشمل القائمة، الجناح البرازيلي أنتوني، الذي تعمد استفزاز جمهور اليونايتد والمسؤولين، بتصريحاته التي أدلى بها في شباط/فبراير الماضي فور انتقاله من النادي إلى ريال بيتيس على سبيل الإعارة، قائلا بالنص في مقابلة مع صحيفة «دياريو آس»: «لقد وجدت نفسي من جديد. أنا سعيد للغاية هنا. كل يوم أستيقظ بابتسامة، وهذا أمر بالغ الأهمية»، واللافت أنه يبدو وكأنه استعاد بريقه والحالة المميزة التي كان عليها مع فريقه القديم أياكس أمستردام، مساهما في تسجيل ثمانية أهداف في أول 12 مباراة، ربما لأنه تخلص من ضغوط المبلغ الضخم الذي دفعه اليونايتد مقابل الحصول على خدماته من ناديه الهولندي السابق، ربما لأنه لم يتكيف مع أجواء النادي والبريميرليغ، لكن الشيء المؤكد أن تألقه مع فريقه الأندلسي الحالي، لا يعكس سوى سوء طالع عملاق البريميرليغ، الذي أنفق ما يزيد عن 85 مليون جنيه إسترليني، لشراء جناح مهاجم من الطراز العالمي، وفي الأخير استيقظ على كابوس فشل اللاعب في تقديم إضافة ملموسة على مدار عامين ونصف، والحل الوحيد، بيعه بأي ثمن حتى لو بالخسارة في الميركاتو الصيفي، لتمويل الصفقات الجديدة المنتظرة.
المخيب والمتخاذل
تشمل قائمة المغضوب عليهم عاجلا أم آجلا، الحارس الكاميروني أندريه أونانا، الذي تعاقد معه النادي ضمن هوجة شراء لاعبين تين هاغ السابقين، وحدث ذلك بعد رحيل الحارس الإسباني ديفيد دي خيا، وسط آمال أن يكون الحارس القادم من إنتر، والذي كان له دورا في تأهل النيراتزوري إلى المباراة النهائية لدوري الأبطال عام 2023، هو القطعة النادرة، التي ستعيد الهيبة والكبرياء لحراسة مرمى اليونايتد، خاصة بعد تراجع مستوى دي خيا في موسمه الأخير، لكن مع الوقت، تبين أن أونانا هو الحلقة الأضعف في الفريق، وفي رواية أخرى اللاعب رقم 12 في صفوف منافسي اليونايتد، بسلسلة من الأخطاء والهفوات الساذجة التي بالكاد لا تتوقف أبدا، آخرها سقطاته المريبة منها على الذاكرة هذا الموسم ما فعله أمام نوتنغهام فورست وبرايتون في «أولد ترافورد»، ناهيك عن كوارثه الكروية أمام كريستال بالاس، وغيرها من العروض المخيبة للآمال التي جعلته يتحول إلى أضحوكة بين زملائه، وهذا يعني، أن أموريم سيجد نفسه في معركة خاسرة 100في المئة، إذا فَضل الإبقاء على أونانا، ولم يعط أولوية للتعاقد مع حارس يليق باسم اليونايتد وطموحاته في العودة إلى سابق عهده، ونفس الأمر ينطبق على ابن أكاديمية النادي ماركوس راشفورد، الذي عاد للتألق في فترة إعارته إلى أستون فيلا، بمساهمته في تسجيل 8 أهداف بقميص الفيلانس، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه سيعود إلى الصورة المحفورة عنه في الأذهان، كمشروع لمهاجم من الطراز العالمي بعد تصعيده إلى الفريق الأول تحت قيادة المدرب الأسبق لويس فان خال قبل ما يلامس العقد من الزمن، بل يرى الكثير من النقاد والمتابعين، أن حالة النشوة التي يعيشها الدولي الإنكليزي في «الفيلا بارك» حاليا، لن تدوم طويلا، بحكم أنه لاعب متقلب المزاج، ومن الصعب الرهان عليه مرة أخرى، ومن الواضح أن أموريم يُدرك جيدا هذه الجزئية، وفي الغالب لن يوافق على إعادته بعد انتهاء الإعارة، لكن المثير للقلق بالنسبة للمشجعين، أن المدرب أظهر ثقته في الزجاجي ماسون ماونت، بعد تأقلمه على طريقة 3-4-3 أمام فورست، قائلا بالنص «تاريخ ماونت يؤكد أنه يجيد اللعب في مركز رقم 10 وأيضا على الجناحين»، ونظريا يبدو وكأنه محق في وجهة نظره، لكن ينبغي على أموريم أن ينتبه أن القادم من تشيلسي، لم يبدأ سوى تسع مباريات فقط في البريميرليغ منذ وصوله من «ستامفورد بريدج» في صيفية 2024، دليلا على صعوبة الوثوق في جاهزيته أو قدرته على تفـــادي الإصــــابة لفــــتـــرة طــــويلة، ومن الأفضل التوقيع مع صفقة بالمواصفات المطلوبة للمرة القادمة.
المتذبذب والموظف
واحد من الأسماء التي سيكون من الصعب رؤيتها بقميص اليونايتد مرة أخرى، هو الشاب الإنكليزي جادون سانشو، الذي أثبتت التجارب أنه ليس مؤهلا للتوهج في الدوري الإنكليزي الممتاز، كما وضح في تجربته مع الشياطين الحمر، والآن يعاني من تذبذب ملموس في فترة إعارته مع البلوز، مقارنة بالنسخة الرنانة التي يبدو عليها كلما ذهب إلى البوندسليغا، آخرها مساهمته في وصول بوروسيا دورتموند إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، لكن في البريميرليغ، يبدو بعيدا عن النسخة البراقة التي يكون عليها في الخارج، كجناح جوكر يفعل كل شيء في كرة القدم، لكن بعيدا عن الضغوط الجماهيرية والإعلامية الإنكليزية، أو ربما يكون من نوعية اللاعبين التي لا تجيد اللعب مع الأندية التي تلعب دائما على الألقاب، وهذا يعني أنه سيكون من الصعب عودته مرة أخرى، حتى لو تراجع تشيلسي عن تفعيل بند الشراء، حيث يُقال في وسائل الإعلام الألمانية، إن إدارة دورتموند تنوي إعادته مرة أخرى إلى «سينغال أيدونا بارك»، كما تشمل قائمة الضحايا المحتملين، الظهير الأيمن ديوغو دالوت، الذي يُنظر إليه من قبل مشجعي اليونايتد على أنه واحد من أكثر لاعبي الفريق موثوقية، لكن بإلقاء نظرة على مردوده أو إنتاجيته داخل المستطيل الأخضر، سنجد أنه نادرا ما يقوم بدوره الهجومي بالشكل المطلوب، ناهيك عن فشله في المواجهات المباشرة في النواحي الدفاعية، كواحد من أسباب ضعف مركز الظهير الأيمن في اليونايتد منذ سنوات، والحل الوحيد التخلي عن الظهير الموظف، والتوقيع مع واحد من صفوة اللاعبين في مركزه، وهناك كذلك المخضرم البرازيلي كاسيميرو، الذي فقد بريقه منذ افتراقه عن لوكا مودريتش وتوني كروس، بظهوره بقميص المان يونايتد، بصورة اللاعب الذي يشتري بعض الوقت في نهاية مسيرته من أجل الراتب السنوي، وليس ذاك الوحش الكاسر، الذي كان يعمل كأول حائط صد في وسط الملكي، والمثير للدهشة، أن وضعه لم يتحسن قيد أنملة منذ قدومه من الريال قبل عامين ونصف، لذا لن تكون مفاجأة إذا سمح له النادي بالرحيل هذا الصيف، شأنه شأن الزجاجي لوك شاو، الذي شارك في 20 مباراة أو أكثر في 5 مواسم فقط على مدار مواسمه الـ11 مع النادي، وهذا بسبب سجله المروع مع الإصابات، التي تعيق انتقاله لأي ناد آخر، وأيضا تعرقله على الالتزام بتقديم أفضل ما لديه للفريق، والحل الوحيد أن توافق الإدارة على خروجه قبل عامين من نهاية عقده، ضمن خطة إعادة هيكلة اليونايتد مع أموريم.