
في نهاية القرن الخامس الميلادي، أشعل عدي بن ربيعة “الزير سالم”، حربًا امتدت 40 عامًا، للثأر من قتل شقيقه كليب على أيدي الجساس، ولكن بعد هذا العمر الطويل، لم يُقتل الأخير على يديه.
وفي القرن الحالي، بدا المدرب البرتغالي جورجي جيسوس مُغرمًا بفكرة الثأر، فتارةً يُقدم عليها في بلاده، وأخرى يحاول تكرارها في دوري روشن السعودي للمحترفين.
نادي النصر أعلن تعيين جيسوس مديرًا فنيًا للفريق خلفًا للإيطالي ستيفانو بيولي، الإثنين الماضي، بعد نحو شهرين ونصف من رحيله عن الغريم التقليدي الهلال.
البرتغالي أصبح أول مدرب ينتقل بين الهلال والنصر بشكل مباشر في عهد الاحتراف، ليبدأ رحلة الثأر من فريقه السابق الذي تولى تدريبه في ولايتين أقيل فيهما، رغم قيادته لحصد 4 ألقاب محلية.
لم تكن تلك المرة هي الأولى التي يحمل فيها جيسوس راية الانتقام، فقد فعل ذلك في العاصمة البرتغالية لشبونة قبل نحو 10 سنوات، غير أن محاولته التي استمرت لـ3 سنوات باءت بالفشل.
ad
سنوات تاريخية
لا يمكن أن ينسى أحد سنوات جيسوس الذهبية في بنفيكا، فمنذ توليه المسؤولية في 2009، حقق سلسلة من النجاحات التي لم تتكرر حتى الوقت الراهن.
على مدار 6 سنوات، أصبح جيسوس المدرب الأكثر تحقيقًا للألقاب في تاريخ بنفيكا برصيد 10 ألقاب، منها 3 ألقاب لبطولة الدوري، أولها كان غائبًا منذ 5 سنوات.
ad
جيسوس كان المدرب البرتغالي الأول الذي يجمع بين الثلاثية المحلية في موسم واحد، وهي ثلاثية الدوري والكأس وكأس الرابطة، ثم ألحق بها كأس السوبر البرتغالي في نفس العام (2014).
المدرب البرتغالي قاد بنفيكا للتأهل لنهائي الدوري الأوروبي مرتين متتاليتين عامي 2013 و2014، لكنه خسرهما من تشيلسي وإشبيلية على الترتيب بلعنة جوتمان الشهيرة.
ولكن مع كل ذلك، فقد حاول بنفيكا تقليص راتب جيسوس الذي كان الأغلى في البرتغال في ذلك الحين، وهو ما رفضه المدرب، ليعلن النادي بشكل مفاجئ رحيله عن منصبه كمدير فني للفريق، بعد 6 سنوات تاريخية.
عاد لينتقم
بعدما فاجأ بنفيكا جيسوس بعدم تجديد تعاقده، فاجأ المدرب البرتغالي ناديه السابق بقيادة غريمه التقليدي سبورتنج لشبونة بشكل فوري.
انتقال جيسوس من بنفيكا إلى سبورتنج لشبونة أثار حالة واسعة من الجدل في ذلك الحين، وبدا من الواضح أن المدرب البرتغالي أراد الانتقام من ناديه القديم بأسوأ شكل ممكن.
المدرب البرتغالي تسلح بالإدارة الجديدة لنادي سبورتنج، والتي كانت ترغب في استعادة الأمجاد، لا سيما بطولة الدوري الغائبة عن خزائن الفريق منذ 13 عامًا في ذلك الحين.
ولأن الكرة تبدو أحيانًا مُمنهجة، فقد كانت مباراة جيسوس الأولى مع سبورتنج لشبونة ضد بنفيكا نفسه على لقب كأس السوبر البرتغالي، وقد نجح في الانتقام سريعًا، وقاد فريقه لحصد أول لقب معه على حساب ناديه القديم بهدف نظيف.
ليس هذا فحسب، بل إن جيسوس نجح في الفوز بأول 3 مباريات خاضها مع سبورتنج لشبونة ضد بنفيكا، وأقصاه من كأس البرتغال، كل ذلك في أول 4 شهور فقط من بداية رحلته مع فريقه الجديد.
من القمة للقاع
لكن، ولأن كرة القدم تبدو قاسية أحيانًا، فكما منحته كل شيء سريعًا، أخذته منه مرة أخرى، فلم تتكرر انتصاراته على بنفيكا أبدًا، ولم تتكرر ألقابه مع سبورتنج لشبونة سوى قبل رحيله مباشرةً.
في نفس الموسم، خسر سبورتنج كل شيء، وفي المقدمة لقب الدوري البرتغالي، فرغم حصد 86 نقطة كرقم تاريخي للنادي، لكنه احتل المركز الثاني بفارق نقطتين خلف بنفيكا الذي حصد لقب الدوري للمرة الثالثة على التوالي.
رغم غياب الألقاب، جدد جيسوس عقده في نهاية الموسم، وزاد راتبه من 5 إلى 6 ملايين يورو سنويًا، لكنه موسمه التالي كان صفريًا، بل وعاد بنفيكا لحمل لقب الدوري للموسم الرابع.
ولم يتغير الأمر كثيرًا في الموسم الثالث، فرغم التتويج بلقب كأس الرابطة، لكن الفريق أنهى الدوري البرتغالي في المركز الثالث مجددًا، وفشل في التأهل للنسخة التالية من دوري أبطال أوروبا.
وكانت النتيجة النهائية لكل ذلك، تعرض جيسوس وجهازه الفني وبعض اللاعبين لإصابات نتيجة اقتحام بعض جماهير سبورتنج لشبونة أرض الملعب، بسبب غضبهم من نتائج الفريق في نهاية موسم 2017-2018.
بعد ذلك كله، اضطر جيسوس لطرح راية الانتقام أرضًا، بعد أن فشلت كل محاولاته لرفعها عاليةً، فعاد منكسًا رأسه أمام فريقه السابق بنفيكا الذي أكل الأخضر واليابس بعد رحيله، كما فعل أثناء وجوده.
ولم يجد المدرب المخضرم بدًا من ترك البرتغال بأكملها، وبدء رحلة جديدة هي الأولى من نوعها له في ذلك الحين، رفقة الهلال في ولايته الأولى التي استمرت لنحو نصف موسم.
سيناريو مخيف
هذا السيناريو تخشى جماهير النصر تكراره، فجيسوس لم يعد إلى الدوري السعودي إلا من أجل رفع راية الانتقام في وجه ناديه السابق الهلال.
بعد 10 سنوات، أعاد جيسوس رفع راية الانتقام، ولكن هذه المرة في العاصمة السعودية الرياض بدلًا من العاصمة البرتغالية لشبونة.
ويبقى جيسوس أمام تحدٍ مخيف، فإما أن ينجح فيما لم ينجح فيه قبل 10 سنوات، أو يُلقي راية الانتقام وينتظره من غيره كما فعل “الزير سالم” مع جساس.