الحوار السياسي في موريتانيا يتحرك بعد جمود وتجمع المعارضة يسلم مقترحاته ويشترط أن يكون الغزواني ضامناً لمخرجات التشاور

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
جمعة, 2025-09-26 08:55

يشهد المشهد السياسي في موريتانيا حراكاً جديداً بعد فترة طويلة من الجمود، مع تسليم تجمع المعارضة الديمقراطية مقترحاته الخاصة بالتشاور المرتقب.
وربطت المعارضة مشاركتها بأن يكون الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني نفسه راعياً للحوار وضامناً لتنفيذ مخرجاته، في خطوة تعكس حرصها على ضمان جدية العملية وفاعليتها، وتفتح في الوقت ذاته باب التساؤلات حول مسار التوافق السياسي في المرحلة المقبلة.
وبعد صمت دام عدة أشهر تخللتها العطلة الصيفية، عاد الحديث عن الحوار الوطني في موريتانيا ليتصدر المشهد من جديد، مع تسليم اللجنة الفنية لتجمع المعارضة مقترحاتها لخارطة طريق إلى المنسق العام للحوار موسى فال.
ويأتي ذلك في وقت تتباين فيه مواقف المعارضة بين من يراهن على الحوار كفرصة لإعادة بناء الثقة وترتيب البيت السياسي الداخلي، ومن يرفضه بشكل مطلق ويعتبره مجرد «لعبة سياسية» لا جدوى منها، كما هو الحال مع النائب البرلماني البارز بيرام الداه اعبيد، الذي يقود الجناح المتشدد داخل المعارضة.
وسلّمت اللجنة مقترحاتها صباح أمس في مقر المنسق العام للحوار، متضمنة الشروط والضمانات التي ترى أنها ضرورية لإنجاح أي مسار تفاوضي.
وقال موسى فال خلال اللقاء: «إن المرحلة الحالية تمهيدية بالأساس»، مشيراً إلى أنه مدّد أكثر من مرة الآجال لقناعته بأن مشاركة الجميع شرط ضروري قبل الانتقال إلى مرحلة القرارات الحاسمة.
وطالب فال «الأطراف بالتهيئة الجادة للمرحلة المقبلة من الحوار من أجل الوصول إلى توافق وطني حول القضايا الجوهرية للبلد».
وأوضح نور الدين محمدو، رئيس حزب موريتانيا إلى الأمام (قيد الترخيص)، «أن المقترح الذي سُلّم اليوم لمنسق الحوار هو خارطة طريق جاءت ثمرة لأسابيع من النقاشات مع مختلف أطياف المعارضة».
وأكد «أن الخارطة تتضمن الضمانات والشروط التي من شأنها أن تدفع العملية الحوارية إلى الأمام، من بينها لقاء مباشر مع الرئيس محمد ولد الغزواني ليكون الراعي الأبرز والضامن لمخرجات الحوار». وأكد ولد محمدو «أن أي حوار جاد لا بد أن يتفادى اختلالات التجارب السابقة التي انتهت إلى الفشل»، مشدداً على «أن المعارضة مصممة على المضي قدماً ضمن شروط واضحة».
ومن المنتظر أن ينطلق الحوار الوطني قريباً وفق ما أعلن المنسق الرسمي موسى فال، على أن يتناول إصلاحات كبرى في مجالات حيوية، من بينها مكافحة الفساد، إصلاح النظام القضائي، وإعادة هيكلة النظام التعليمي.
وفي حين تبدي بعض القوى السياسية استعدادها للمشاركة، أعلن النائب المعارض بيرام الداه عبيد، رئيس التحالف المناهض للنظام، أنه لن يشارك في هذا المسار، رغم تأكيده أنه ليس ضد مبدأ الحوار.
وبرر بيرام قراره بما اعتبره «عدم جدوى الحوارات السابقة» التي لم تُفضِ – حسب قوله – إلى أي نتائج ملموسة.
وقال: «أنا رجل حوار، رجل سلام، رجل نقاش وتفاوض. وبالنسبة لي، لا يمكن حل المشكلات إلا عبر الحوار، لكنني أقصد الحوار الحقيقي، الصادق، مع طرف موثوق».
وأضاف: «الحل الوحيد الذي قد يدفعني إلى المشاركة هو أن يتخذ الرئيس محمد ولد الغزواني إجراءات عاجلة وقانونية لإرساء العدالة: أولاً، يجب أن يلتزم بنفسه بأن يكون الضامن لهذا الحوار، لمساره، لنتائجه، ولتطبيقها».
وأضاف: «ينبغي أن يكون الرئيس ضامناً للقضايا الوطنية الكبرى ذات الأولوية المطلقة، وهي معروفة: هناك أحزاب سياسية محظورة، وهناك كثير من الناس في موريتانيا ما زالوا عبيداً، محرومين من حقوقهم ومن إنسانيتهم، كما أن مواطنين موريتانيين من مختلف القوميات ما زالوا محرومين من حقوق المواطنة، فضلاً عن ذلك، يجب فتح تحقيق قضائي حول شهداء كيهيدي الذين قُتلوا بدم بارد سنة 2024 خلال الأحداث التي أعقبت الانتخابات».
وقال «إن إلغاء قانون الرموز وقانون الجريمة السيبرانية، وترخيص الأحزاب السياسية شروط أساسية للمشاركة في الحوار السياسي».
وأشار الداه اعبيد إلى أنه بحث هذه المواضع خلال اجتماعه مع زعيم المعارضة حمادي ولد سيد المختار»، مؤكدا «أنه في حال لم يتم إلغاء قانون ترخيص الأحزاب السياسية فيجب ترخيص الأحزاب التي استوفت الشروط قبله وفقا للقانون القديم».
وشدد الداه اعبيد، على ضرورة أن تتقاسم المعارضة رئاسة الحوار مع السلطة، بحيث يكون هناك ممثل للمعارضة بنفس رتبة منسق الحوار موسى فال الذي وصفه بأنه ممثل السلطة.
وأضاف: «بما أن موسى فال يرجع إلى الرئيس في القضايا المرتبطة بالحوار، يجب أن يكون هناك ممثل للمعارضة يتقاسم معه نفس المنصب ويرجع إلى قادة المعارضة بخصوص ملف الحوار».
وأوضح الداه اعبيد أن إطلاق سراح «السجناء السياسيين» يجب أن يكون ضمن شروط الحوار، مضيفاً «أنه دون تحقيق هذه الشروط لا يعتبر الحوار جدياً».
وضمن التنسيقات الجارية لإطلاق الحوار، أجرى زعيمُ مؤسسة المعارضة الديمقراطية، ورئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) حمادي ولد سيدي المختار، مباحثاتٍ مع قيادات معارضة حول توحيدِ مواقف القوى المعارضة.
وضمّت اللقاءات التي أُجريت على انفراد، النائبَ البرلماني بيرام ولد الداه اعبيد، ورئيسَ حزب اتحاد قوى التقدم الدكتور محمد ولد مولود.
وقال حزب تواصل في إيجاز صادر عنه: «إن المباحثات تطرقت لأهم القضايا المطروحة في الساحة، بما في ذلك الحوار الوطني»، واصفاً «المباحثات بأنها اتسمت بالصراحة والإيجابية».
ورغم ما يوحي به تسليم المعارضة لمقترحاتها من ديناميكية جديدة، فإن موقف الجناح المتشدد الرافض لأي حوار يعكس هشاشة الأرضية السياسية التي يقوم عليها المسار.
وإذا تجاوبت السلطة مع بعض شروط المعارضة، خصوصاً مطلب اللقاء المباشر بالرئيس، فقد يشكل ذلك منعطفاً حاسماً يفتح أفقا لتسوية سياسية شاملة.
لكن في حال بقاء الخلافات على حالها، فقد يعيد المشهد إنتاج دورات الإخفاق السابقة، ويترك الساحة الموريتانية أسيرة التوتر وعدم اليقين.

 

عبد الله مولود

نواكشوط – «القدس العربي»